للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجملة الكريمة مستأنفة، وهي جواب عن سؤال مقدر نشأ مما قبله، كأنه قيل وما هو الطارق؟ فكان الجواب: هو النجم الثاقب.

وقوله -سبحانه-: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} جواب القسم وما بينهما كلام معترض لتفخيم شأن المقسم به. والحافظ: هو الذي يحفظ ما كلف بحفظه، لمقصد معين. أي: وحق السماء البديعة الصنع، وحق النجم الذي يطلع فيها فيبدد ظلام الليل، ما كل نفس من الأنفس، إلا وعليها من الملائكة من يحفظ عملها ويسجله سواء أكان هذا العمل خيرًا أم شرًّا.

قال الإمام الشوكاني ما ملخصه: قرأ الجمهور بتخفيف الميم في قوله (لما) فتكون (إن) مخففة من الثقيلة، فيها ضمير الشأن المقدر، وهو اسمها، واللام هي الفارقة - بين (إن) النافية، و (إن) المخففة من الثقيلة - وما مزيدة: أي: إن الشأن كل نفس لعليها حافظ.

وقرأ ابن عامر وعاصم وحمزة بتشديد الميم في قوله (لما)، فتكون "إن" نافية ولما بمعنى إلا. أي: ما كل نفس إلا عليها حافظ. والحافظ هم الحفظة من الملائكة الذين يحفظون عليها عملها وقولها وفعلها ... وقيل: الحافظ هو الله -تعالى- وقيل: هو العقل يرشدهم إلى المصالح ...

والأول أولى، لقوله -تعالى-: (ويرسل عليكم حفظة) وقوله: (وإن عليكم لحافظين).

وحفظ الملائكة إنما هو من حفظه -تعالى-، لأنهم لا يحفظون إلا بأمره -عز وجل-) (١).

والمقصود من الآية الكريمة: تحقيق تسجيل أعمال الإنسان عليه، وأنه سيحاسب عليها، وسيجازى عليها بما يستحقه من ثواب أو عقاب.


(١) تفسير فتح القدير للشوكاني جـ ٥ ص ٤١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>