للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عن احتلام المرأة فقال: تغتسل إذا أبصرت الماء. فقيل له: أترى المرأة ذلك؟ فقال: وهل يكون الشبه إلا من قبل ذلك، إذا علا ماء المرأة ماء الرجل، أشبه الولد أخواله، وإذا علا ماء الرجل ماءها، أشبه أعمامه) (١).

وقال صاحب الظلال، ولقد كان هذا سرًّا مكنونًا في علم الله لا يعلامه البشر، حتى كان نصف القرن الأخير، حيث اطلع العلم الحديث على هذه الحقيقة بطريقته، وعرف أنه في عظام الظهر الفقارية، يتكون ماء الرجل، حيث يلتقيان في قرار مكين، فينشأ منهما الإنسان) (٢).

وقوله -سبحانه-: {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (٨) يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (٩) فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ}.

بيان لكمال قدرته -تعالى-، وأنه كما أنشأ الإنسان من ماء مهين، قادر على إعادته إلى الحياة بعد موته.

والضمير في قوله: (إنه) يعود إلى الله -عز وجل- لأن الخالق للإنسان من ماء دافق هو الله -تعالى-.

والضمير في قوله (رجعه) يعود إلى الإنسان المخلوق.

وقوله: (تبلى) من البلاء بمعنى الاختبار والامتحان، ومنه قوله -تعالى-: (إن هذا لهو البلاء المبين، والمراد بقوله (تبلى) هنا: الكشف والظهور.

و(السرائر) جمع سريرة، وهي ما أسره الإنسان من أقوال وأفعال. والظرف (يوم) متعلق بقوله: (رجعه).

أي: إن الله -تعالى- الذي قدر على خلق الإنسان من ماء دافق. يخرج من بين الصلب والترائب ... لقادر -أيضًا- على إعادة خلق هذا الإنسان بعد موته، وعلى بعثه من قبره للحساب والجزاء، يوم القيامة، يوم تكشف المكنونات، وتبدو ظاهرة


(١) راجع تفسير التحرير والتنوير جـ ٣٠ ص ٢٦٣ للشيخ محمد الطاهر ابن عاشور.
(٢) تفسير في ظلال القرآن جـ ٣٠ ص ١١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>