للعيان، وترفع الحجب عما كان يخفيه الإنسان في دنياه من عقائد ونيات وغيرهما.
وفي هذا اليوم لا يكون للإنسان من قوة تحميه من الحساب والجزاء، ولا يكون له من ناصر ينصره من بأس الله -تعالى- أو من مدافع يدافع عنه.
ثم أقسم -سبحانه- مرة أخرى بالسماء، على أن القرآن من عنده -تعالى- فقال: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (١١) وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ (١٢) إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (١٣) وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ}.
والرجع: المطر، وسمى بذلك لأنه يجيء، ويرجع ويتكرر. وقيل: الرجع هنا: الشمس والقمر والنجوم، يرجعن في السماء، حيث تطلع من ناحية، وتغيب في أخرى.
وقيل: المراد بالرجع: الملائكة، لأنهم يرجعون إليها حاملين أعمال العباد.
والصدع: الشق والانفطار، يقال تصدع الشيء، إذا تشقق ...
والمراد به هنا: ما تشقق عنه الأرض من نبات ... كما قال -تعالى-: {أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (٢٥) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (٢٦) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (٢٧) وَعِنَبًا وَقَضْبًا ... }.
أي: وحق السماء صاحبة المطر الذي ينزل من جهتها مرة فأخرى، لنفع العباد والحيوان والنبات ... وحق الأرض ذات النبات البازغ من شقوقها.
(إنه) أي: هذا القرآن (لقول فصل) أي: لقول فاصل بين الحق والباطل، والهدى والضلال، والغي والرشاد ... وقد بلغ النهاية في ذلك، حتى لكأنه نفس الفصل.
(وما هو بالهزل) أي: وأن هذا القرآن، ليس فيه شائبة من شوائب الهزل أو اللعب أو المزاح ... بل هو جد كله، فيجب على كل عاقل، أن يتبع هداه، وأن يستجيب لأمره ونهيه.
وفي هذه الآيات الكريمة رد بليغ، على أولئك المشركين الجاهلين، الذين وصفوا القرآن بأنه نزل على الرسول -صلى الله عليه وسلم- ليهزل به؛ لأنه يخبرهم بأن الأموات