سيعادون إلى الحياة مرة أخرى، وذلك أمر تستبعده نفوسهم المطموسة.
وفي قوله -تعالى-: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (١١) وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ} مقابلة لطيفة، حيث وصف -سبحانه- السماء والأرض بما يناسبهما، وبما يشير إلى أن البعث حق؛ لأنه كما ينزل المطر من السماء فيحيي الأرض بعد موتها. كذلك يحيى الله -تعالى- بقدرته الأجساد بعد موتها.
وعاد الضمير في قوله (إنه) إلى القرآن -مع أنه لم يسبق له ذكر- لأنه معلوم من المقام.
ثم ختم -سبحانه- السورة الكريمة، بتسلية الرسول -صلى الله عليه وسلم- وبتبشيره بحسن العاقبة فقال -تعالى-: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (١٥) وَأَكِيدُ كَيْدًا (١٦) فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا}. وقوله (رويدا) تصغير (رود) -بزنة عود- من قولهم: فلان يمشي على رود، أي: على مهل، وأصله من رادت الريح رود، إذا تحركت حركة ضعيفة.
والكيد: العمل على إلحاق الضرر بالغير بطريقة خفية، فهو نوع من المكر.
والمراد به بالنسبة لهؤلاء المشركين: تكذيبهم للرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولماء جاء به من عند ربه، فكيدهم مستعمل في حقيقته.
والمراد به بالنسبة لله -تعالى-: إمهالهم واستدراجهم، حتى يأخذهم أخذ عزيز مقتدر، في الوقت الذي يختاره ويشاؤه.
أي: إن هؤلاء المشركين يحيكون المكايد لإبطال أمرك -أيها الرسول الكريم-، وإني أقابل كيدهم ومكرهم بما يناسبه من استدراج، من حيث لا يعلمون، ثم آخذهم أخذ عزيز مقتدر، فتمهل -أيها الرسول الكريم- مع هؤلاء المشركين. ولا تستعجل عقابهم، وانتظر تدبيري فيهم، وأمهلهم وأنظرهم (رويدًا) أي: إمهالًا قريبًا أو قليلًا، فإن كل آت قريب، وقد حقق -سبحانه- لنبيه وعده بأن جعل العاقبة له ولأتباعه.