للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد عبَّر الشيخ في مقدمة تفسيره عن قصد الاختصار مع الوفاء بالمعنى فقال: "ولما منَّ الباري عليَّ وعلى إخواني بالاشتغال بكتابه العزيز بحسب الحال اللائقة بنا، أحببتُ أن أرسم من تفسير كتاب الله ما تيسَّر، وما منَّ به الله علينا، ليكون تذكرة للموصلين، وآلة المستبصرين، ومعونة للسالكين، ولأقيِّدهُ خوف الضياع، ولم يكن قصدي في ذلك إلا أن يكون المعنى هو المقصود، ولم أشتغل في حلِّ الألفاظ والعقود، للمعنى الذي ذكرتُ، ولأن المفسرين قد كَفَوا من بعدهم، فجزاهم الله عن المسلمين خيرًا" (١).

وكان في طريقة السعدي رحمه الله عدمُ الإحالة إلى مواضع أخرى من تفسيره في الآيات المتشابهة في المعاني، بل كان يُعيد عند كل آية ما يحضره من معانيها، ولو كانت مثل هذه المعاني قد ذكرت فيما قبل من الآيات والسور، وقد نبَّه رحمه الله في بداية تفسيره إلى هذه الطريقة فقال تحت عنوان (تنبيه): "اعلم أن طريقتي في هذا التفسير أني أذكر عند كل آية ما يحضرني من معانيها، ولا أكتفي بذكر ما يتعلق بالمواضع السابقة عن ذكر ما تعفَق في المواضع اللاحقة؛ لأن الله وصف هذا الكتاب أنه (مثاني) تثنى فيه الأخبار والقصص والأحكام، وجميع المواضيع النافعة لحكم عظيمة، وأمر بتدبره جميعه، لما في ذلك من زيادة العلوم والمعارف وإصلاح الظاهر والباطن، وإصلاح الأمور كلِّها" (٢).

وقد صدَّر الشيخ تفسيره بفوائد مهمة تتعلق بتفسير القرآن، نقلها عن كتاب (بدائع الفوائد) لابن القيم رحمه الله.

وكما تجنب السعدي الاستطرادات، فقد تجنب كذلك الإسرائيليات في أغلب تفسيره، بل أنكر عن الذين يذكرونها في التفسير، فقال عند تفسيره لمطلع سورة يوسف: "واعلم أن الله ذكر أنه يقصُّ على رسوله - صلى الله عليه وسلم - أحسن القصص في هذا


(١) تيسير الكريم الرحمن ص ١٨.
(٢) تيسير الكريم الرحمن ص ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>