للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكتاب، ثم ذكر هذه القصة وبسطها، وذكر ما جرى فيها، فعلم بذلك أنها قصة تامة كاملة حسنة، فمن أراد أن يكملها أو يحسِّنها بما يُذكر في الإسرائيليات التي لا يعرف سند ولا ناقل، وأغلبها كذب، فهو مستدرك على الله، ومستكمل لشيء يزعم أنه ناقص، وحسبُك بأمر ينتهي إلى هذا الحدِّ قبحًا، فإن تضاعيف هذه السورة قد مُلئت في كثير من التفاسير من الأكاذيب والأمور الشنيعة المناقضة لما قصَّه الله تعالى بشيء كثير. فعلى العبد أن يفهم عن الله ما قصَّه، ويدع ما سوى ذلك مما ليس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يُنقل" (١).

وهذا كلام بديع وجميل من المفسِّر السعدي رحمه الله، ولكن ليته التزم به في تفسيره كلِّه، فالواقع أنه قد أنسيه في بعض المواضع إلى هذه الإسرائيليات التي حذَّر ونفَّر منها في كلامه السابق، فقد فسَّر النعجة في قصة داود بالزوجة، فقال: {لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً} [ص: ٢٣] أي زوجة، وذلك خير كثير، يوجب عليه القناعة بما أتاه الله، {وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ} فطمع فيها، {فَقَال أَكْفِلْنِيهَا} أي دعها لي، وخلِّها في كفالتي، {وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ} أي غلبني في القول، فلم يزل بي حتى أدركها أو كاد (٢).

وعند قوله تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ} [ص: ٣٤] قال السعدي: {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ} أي ابتليناه واختبرناه بذهاب ملكه وانفصاله عنه، بسبب خلل اقتضته الطبيعة البشرية، {وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا} أي شيطانًا قضى الله وقدَّر أن يجلس على كرسي ملكه ويتصرف في الملك في مدة فتنة سليمان {ثُمَّ أَنَابَ} سليمان إلى الله تعالى وتاب" (٣).

وأما في أغلب التفسير فقد اجتنب السعدي ذكر الإسرائيليات خصوصًا عند


(١) تفسير السعدي ص ٣٦٩.
(٢) تفسير السعدي ص ٦٧٨.
(٣) تفسير السعدي ص ٦٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>