للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعلوماته وفيرة ومنظمة، وبديهته حاضرة وذكاؤه وقاد (١).

وقد كان كما يقول الأستاذ توفيق عنه عاصفة في الحق لا تهدأ، إلا إذا انتصر العدل، وفي الخير نغمة لا تسكن، إلا إذا تنفس الإحسان، وهو مدرس ماهر لا يكل ولا يمل، حيث كان يقضي يومه في إعطاء الدروس، وهو كاتب ممتع، وسلفي النزعة في كنابته، ومؤدب في كتاباته، قليل السخرية بالأعداء والممالين. ولكن قلمه فهيم أمضى من السنان، أسلوبه من السهل الممتنع.

له بصر بالأدب وباع في اللغة وفقهها، محب للأدب القديم والحديث، يرتجل الشعر على البديهة، ولكن شعره أقل جودة بكثير من نثره (٢).

وهو فقيه من الطراز الأول خبير بمذهب مالك، ومتفقه على غيره من المذاهب، ويمقت التعصب لمذهب واحد، وهو محدث بصير، شرح موطأ مالك رضي الله عنه كله، ولم يبق من هذا الشرح إلا ما جمعناه في كتاب بعنوان "من هدي النبوة" (٣).

سافر إلى المدينة المنورة حيث ألقى بعض الدروس في المسجد النبوي، والتقى هناك بكثير من العلماء والمفكرين، وتعرف على الشيخ محمد البشير الإبراهيمي، وقد ربطت بينه وبين الشيخ الإبراهيمي روابط متينة كانت بركة على الجزائر وحركة الإصلاح فيها.

التقى بالشيخ بخيت زميل الشيخ محمد عبده الذي منحه إجازة بخط يده.

يقول عنه الدكتور عمار طالبي: إن شخصية الأستاذ عبد الحميد بن باديس غنية ومعبرة عن أزمة المجتمع الإسلامي، لا تماثلها إلا شخصية جمال الدين الأفغاني في إثرائها وشمولها وجرأتها وتعبيرها عن جميع جوانب المشكلات الاجتماعية


(١) كتبه الأستاذ توفيق محمد شاهين/ مطبوع آخر تفسير ابن باديس، ص ٧٠٧.
(٢) ص ٧٠٨.
(٣) ص ٧٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>