لا يكون لطائفة إسلامية قامت من قديم الزمان، وبقيت محتفظة بتعاليمها ومقوماتها إلى يومنا هذا إلا كتابٌ أو كتابان، وقد أخذ يبحث عن كتبهم -كما يقول عن نفسه- فوجد في الفهرست لابن النديم أن لمقاتل بن سليمان -وعدّه من الزيدية- كتاب التفسير الكبير، وكتاب نوادر التفسير، ووجد أن صاحب كتاب شرح الأزهار وهو من كتب الزيدية يذكر تفسيرات عديدة للزيدية منها تفسير غريب القرآن للإمام زيد بن علي. ويختم حديثه عن الزيدية، بعرض كتاب فتح القدير للشوكاني.
ويتحدث الكاتب عن فرقة الخوارج التي ظهرت بعد مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقد افترقوا فرقًا: منها الأزارقة، والنجدات، والصفرية والإباضية، ويتحدث عن موقف الخوارج من التفسير، فهم عندما ينظرون إلى القرآن لا يتعمقون في التأويل ولا يغوصون وراء المعاني الحقيقية، ولا يكلفون أنفسهم عناء البحث عن أهداف القرآن وأسراره -كما يقول الشيخ- بل يقفون عند حرفية ألفاظه، وينظرون إلى الآيات نظرة سطحيّة، وربما كانت الآية لا تنطبق على ما يقصدون إليه ولا تتصل بالموضوع الذي يستدلون بها عليه، لأنهم فهموا ظاهرًا معطلًا، وأخذوا بفهم غير مراد.
أما من حيث الإنتاج التفسيري للخوارج فهو قليل بالنسبة لفرق المعتزلة، والشيعة ومن الكتب الموجودة: داعي العمل ليوم الأجل، وهميان الزاد إلى دار المعاد، وتيسير التفسير لمحمد اطفيش، وكتب الخوارج الموجودة اليوم كلها للإباضية، ولعل السر في ذلك أن جميع فرق الخوارج ما عدا الإباضية بادت ولم يبق لها أثر، أما الإباضية فموجودون إلى يومنا هذا، ومذهبهم منتشر في بلاد المغرب وحضرموت، وعمان، وزنجبار، ويذكر الشيخ الذهبي بعض الأسباب التي جعلت إنتاج الخوارج في التفسير قليلًا، ومن هذه الأسباب أن الخوارج كان أكثرهم من البادية ولغلبة البداوة عليهم كانوا أبعد الناس عن التطور الديني والعلمي والاجتماعي وكانوا يمثلون الإسلام الأول في بساطته وعلى فطرته، والثاني أنهم