فالكلام السيء قاطع لأواصر الأخوة، باعث على البغضاء والنفرة، يبعد بين العقول فتحرم الاسترشاد والاستعداد والتعاون، وبين القلوب فتفقد عواطف المحبة وحنان الرحمة، وهما أشرف ما تتحلى به القلوب، وإذا بطلت الرحمة والمحبة بطلت الألفة والتعاون، وحلت القساوة والعداوة، وتبعهما التخاصم والتقاتل.
وفي ذلك كل الشر لأبناء الشر.
القول الحسن:
فالمحصل للناس سعادتهم وسلامتهم، والمبعد لهم عن شقاوتهم وهلاكهم - هو القول الحسن:
ولهذا أمر الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وآله وسلم - أن يرشد العباد إلى قول التي هي أحسن، فقال تعالى:{وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}.
(والعباد المأمورون هنا هم المؤمنون لوجهين:
الأول: أنهم أُضيفوا إليه وهذه إضافة شرف لا يكون إلا للمؤمنين به.
الثاني: أن الذين يخاطبون بهذا الإرشاد ويكون منهم الامتثال إنما هم من حصلوا أصل الإيمان.
التي هي أحسن ومواطنها:
(والتي هي أحسن) هي الكلمة الطيبة، والمقالة التي هي أحسن من غيرها.
فيعم ذلك.
ما يكون من الكلام في التخاطب العادي بين الناس، حتى ينادي بعضهم بعضا بأحب الأسماء إليه (١).
وما يكون من البيان العلمي فيختار أسهل العبارات وأقربها للفهم حتى لا يحدث
(١) وكما أوصى المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، ليكون أدعى إلى المحبة والمودة.