للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس بما لا يفهمون، فيكون عليهم حديثه فتنة وبلاء.

وما يكون من الكلام في مقام التنازع والخصام فيقتصر على ما يوصله إلى حقه في حدود الموضوع المتنازع فيه، دون إذاية لخصمه، ولا تعرض لشأن من شؤونه الخاصة به (١).

وما يكون من باب إقامة الحجة وعرض الأدلة، فيسوقها بأجلى عبارة وأوقعها في النفس، خالية من السب والقدح، ومن الغمز والتعريض، ومن أدنى تلميح إلى شيء قبيح.

عموم الأمر:

وهذا يطالب به المؤمنون سواء كان ذلك فيما بينهم، أو بينهم وبين غيرهم.

وقد جاء في الصحيح: "أن رهطًا من اليهود دخلوا على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فقالوا: السام عليكما (٢) ففهمتها عائشة -رضي الله عنها - فقالت: وعليكم السام واللعنة. فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: مهلًا يا عائشة، إن الله يحب الرفق في الأمر كله. فقالت: ألم تسمع ما قالوا؟ فقال: قد قلت: وعليكم".

فكان الرد عليهم بمثل قولهم بأسلوب العطف على كلامهم، وهو قوله وعليكم، أحسن من الرد عليهم باللعنة. فقال - صلى الله عليه وآله وسلم - القولة التي هي أحسن، وهذا أدب الإسلام للمسلمين مع جميع الناس.

وأفاد قوله تعالى: (أحسن) بصيغة اسم التفضيل أن علينا أن نتخير في العبارات الحسنة، فننتقي أحسنها في جميع ما تقدم من أنواع مواقع الكلام.


(١) والرسول صلى الله عليه وآله وسلم دعا بالرحمة لرجل سهل إذا باع أو اشترى أو قضى أو اقتضى.
(٢) والسام، هو الموت.

<<  <  ج: ص:  >  >>