وثبوت الكمال ينافي وينفي ضده؛ فيقتضي التنزه عن النقص.
فانتظم اللفظ ثلاثة معاني:
التنزه عن النقص، والاتصاف بالكمال، والإفاضة للإنعام. (فتبارك تقدس وتعاظم) الفعل الأول مفيد للأول والفعل الثاني مفيد للثاني والثالث.
(نزل) مادة (ن ز ل) كلها ترجع إلى معنى الهبوط من عل، والحلول في أسفل.
ونزل المضاعف أبلغ في المعنى من أنزل، وقد يفيد كثرة النزول كما هنا؛ لأنه نزله مفرقًا على نيف وعشرين سنة. وقد يفيد القوة في نزول واحد، كما في قوله تعالى:{لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً}[الفرقان: ٣٢]؛ لأن تنزيل أقوى من إنزال التفصيل.
(الفرقان) أصله مصدر فرق بمعنى فصل. وهو أبلغ في الدلالة على المعنى من فرق المصدر المجرد، بما فيه من زيادة الألف والنون، كما كان القرآن أبلغ من القراءة لذلك.
وهو هنا اسم من أسماء هذا الكتاب الكريم.
(نذير) مادة (ن ذ ر) كلها ترجع إلى الإعلام والتحتيم، فمنها: نذر على نفسه الصوم أوجبه وحتمه وأعلم به، ونذر بالعدو كفرح علم به، وأنذره أعلمه، ولا يستعمل إلا في إبلاغ ما فيه تخويف، فهو إعلام بتأكيد وتحتيم. ونذير هنا بمعنى منذر من فعيل بمعنى مفعل.
(الذي نزل) عرف المسند إليه بالموصولية لزيادة تقرير الغرض الذي إليه سيق الكلام (١) لأن الغرض بيان كمالات الله تعالى، وإنعاماته، وتنزيل الفرقان منها، فهو من أعظم نعم الله على البشر، ومن آيات الله الدالة على قدرته وعلمه وحكمته.