للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(عبده) إضافة تشريف لأنه أكمل العباد (١).

المعنى:

تقدس وتعاظم الرب الذي نزل الكتاب الذي يفرق بين الحق والباطل، والهدى والضلال وحزبيهما من الناس. مفصلًا آيات آيات على محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - أكمل عباده؛ ليكون بذلك الكتاب - لجميع الإنس والجن - منذرًا لهم يعلمهم بعذابه، ويخوفهم بشديد عقابه إن لم يعبدوه وحده، ويخلعوا غيره من آلهتهم الباطلة، ويدخلوا في الدين الذي جاءهم به وهو الإسلام.

توحيد:

هذا الفعل وهو (تبارك) لا يسند إلا إلى الله تعالى؛ (٢) ذلك لأن العظمة الحقيقة بالكمال والإنعام والتقديس بالتنزه التام ليسا إلا له. وما من كامل من مخلوقاته إلا وهو - جل جلاله - الذي كمله. وما من منعم عليه منهم إلا وهو تعالى الذي أنعم عليه، وما من زكي منهم إلا وهو - سبحانه - الذي زكاه.

سلوك:

هذا الرب الكامل المكمل، المنعم المتفضل القدوس، هو الذي أنزل هذا الفرقان. فإذا أردت أن ترقى في درجات الكمال، وتظفر بأنواع الإنعام وتزكي نفسك الزكاء التام، فعليك بهدى هذا الفرقان، فهو بساط القدس، ومعراج الكمال، ومائدة الإكرام.


(١) للإمام بحث شاف واف كاف في "من هدى النبوة" في بيان معنى العبد والعبودية، فارجع إليه إن شئت ص ٣٥ وما بعدها. وخلاصته: أن العبد في اللغة هو خلاف الحر. والعبودية هي طاعته مع الخصوع والتذلل والمملوكية التي هي أصل المعنى مستلزمة لها، وحقيقة العبودية لله أنها وصف ثابت عام في كل مخلوق في دائرة خلقه وقبضة أمره: العبودية لله طاعته والخضوع له، وبذلك يحصل الكمال للفرد الطائع الخاضع، وبذا يحصل السعادتين في الدنيا والآخرة، ولذا وصف نبيا بالعبودية في التقريب والتكريم.
(٢) أي لا يقال لمخلوق تبارك وتعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>