وقد سئلت عائشة -رضي الله تعالى عنها - عن خلق النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فقالت:"كان خلقه القرآن".
فقه واستنباط:
تحكيم القرآن في كل شيء:
لما سمى الله كتابه الفرقان، علمنا أنه به يفرق بين الحق والباطل، وأهل هذا وذاك. فهو الحكم العدل، والقول الفصل بين كل متنازعين يدعي كل منهما أنه على الحق، فيما هو عليه من عقد، أو قول، أو عمل.
فما تقابل حق وباطل، وما تعالجت حجة وشبهة إلا وفي هذا الكتاب الحكيم ما يفرق ما بينهما (١). وإنما يتفاوت الناس في إدراك ذلك منه على حسب ما عندهم من قوة علم، وصدق بصيرة، وحسن إخلاص.
فعلينا - إذن - أن يكون أول فزعنا في الفرق والفصل إليه.
وأن يكون أول جهدنا في استجلاء ذلك من نصوصه ومراميه، مستعينين بالسنة القولية والعملية على استخراج لآليه.
فإذا حكم قبلنا وسلمنا وكنا مع ما حكم له، وفارقنا ما حكم عليه؛ فالله سماه الفرقان، لنعلم أنه فارق بنفسه، ولنعمل بالفرق به، ولا يكمل إيماننا بأنه الفرقان، إلا بالعلم والعمل.
الإنذار بالقرآن:
ولما جعل - تعالى - غاية تنزيل الفرقان أن يكون عبده نذيرًا اقتضى ذلك أن نذارته تكون بالقرآن؛ لتقوم الحجة، وتتم الحكمة، وتحصل الفائدة وتشمل النعمة.