ولهاتين السورتين خصوصية غير المناسبات التي يذكرونها في ارتباط بعض السور بالبعض، ويستخرجون منها بالتدبر ما لا يحصى من الأنواع، وهذه الخصوصية هي ختم القرآن بهما؟ وترتيب السور توقيفي، ليس من صنيع جامعي المصحف كما ذكره السيوطي في الإتقان وجماعة؟ .
يستطيع ممارس القرآن ومتدبره ومتقلبه، بالذهن المشرق والقريحة الصافية، أن يستخرج من الحكم في هذا الختم بهما أنواعًا.
ولكن أجلاها وأوضحها:
أنهما ختم على كنوز القرآن في نفس المؤمن، وتحصين لهذه النعم المنشأة له من القرآن عليه - أن يكدرها عليه كيد كائد، أو حسد حاسد، فإن من أوتي الشيء الكريم، ورزق النعمة الهنية، هو الذي تمتد إليه أيدي الأشرار وألسنتهم بالسوء، وتقذفه عيونهم بالشرر، وتتطلع إليه نفوسهم بالحسد والبغضاء، ويشتد عليه تكالبهم، سعيًا في سلبه منه، أو تكديره عليه.
وبقدر النعمة يكون الحسد، وعلى مقدار نفسه ما تملك، تكون هدفًا لمكائد الكائدين، وتأتيك البلايا من حيث تدري ولا تدري (١).
ومن أوتي القرآن فقد طوى الوحي بين جنبيه، وأتى الخير الكثير، فهو لذلك مرمى أعين الحاسدين، ومهوى أفئدة الكائدين فكان حقيقًا، وقد ختم القرآن حفظًا أو مدارسة أو تلاوة، أن يلجتيء إلى الله طالبًا منه الحفظ والتحصين، ومن شر كل كيد وحسد يصيبه على هذا الخير العظيم، الذي كمل له هذه النعمة الشاملة التي تمت عليه.