وفي رواية أخرى في مسلم عنه تسميتها بالمعوذتين، وفي رواية أبي أسامة في مسلم أيضًا وصف عقبة بن عامر، بأنه كان من رفعاء أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ ، فتسمية هاتين السورتين بالمعوذتين تسمية نبوية مأثورة، كأسماء جميع سور القرآن.
وقد يقال: المعوذات ويراد بها ما يشمل سورة الإخلاص.
وكفى بما فيها من أصول العقائد معاذًا من الشرك، وهو أصل الشرور كلها.
دفع توهم:
وحديث مسلم هو أصح ما ورد في نزولهما.
وأما ما يذكر في نزولهما في قصة سحر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فإن ذلك لم يصح سببًا لنزولها. وإن كان لقصة السحر وصاحبها لبيد بن الأعصم أصل ثابت في الصحيح. وقد تساهل كثير من المفسرين في حشر هذا السبب في تفسيرهما وفي حشر كثير مما لم يصح في فضائلهما، ولنا فيما صح غنية عما لم يصح.
خيريتهما:
وهذه الخيرية التي أثبتها لهما حديث عقبة عند مسلم، هي خيرية نسبية في ناحية مخصوصة. وهي ناحية التعوذ بهما من الشرور العامة والخاصة المذكورة فيها.
ودليل هذه النسبية ما أخرجه النسائي في سننه عن ابن عباس الجهني أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال له:
"يا ابن عباس، ألا أدلك (أو ألا أخبرك) بأفضل ما يتعوذ به المتعوذون؟ .
قال: بلى يا رسول الله.
قال: قل: أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس هاتين السورتين".
فبين - صلى الله عليه وآله وسلم - أن خيريتهما وأفضليتهما من جهة ما تشتملان عليه من معنى التعوذ، وهو من المعاني الداخلة في دائرة ما كلفنا الله به.