للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - وقسم يعمل إلى إيصال الشر إلى سلطان الجوارح، ومالك هديها (١)، وهو المضغة التي إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله.

فهو يحسن له الأشياء القبيحة ويأتيه من جميع النواحي على وجه النصح، وإرادة الخير.

ويزين للإنسان كل ما يرد به من القبائح، ويأتيه من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وعن شماله قريبًا منه متصلًا بهواه، وهذا القسم الأخير هو الذي يوسوس بكلمة السوء مزينة الظاهر مغطاة القبح، حتى تستنزل صاحبها إلى الهلاك.

ولما كان هذا القسم الثالث أعظم خطرًا، وأكثر شرًّا، وأخسر عاقبة، خصص التعوذ منه بسورة كاملة.

المفردات والتراكيب:

(رب الناس) هو مربيهم ومعطيهم في كل مرتبة من مراتب الوجود وما يحتاجون إليه لحفظها، وهاديهم لاستعمال ما من به عليهم فيما ينفعهم: {رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه: ٥٠].

وأصله من ربه يربه ربا إذا قام على نشأته، وتعهده في جميع أطواره إلى التمام والكمال، ولفظه لفظ المصدر، ولكن معناه اسم الفاعل: كالعدل يراد به العادل.

(ومالك الناس) هو الذي يملك أمر موتهم وحياتهم، ويشرع لهم من الدين ومن الأحكام ما يوافق حياتهم الدنيوية والأخروية.

(وإله الناس) هو الذي يدينون له بالعبادة والعبودية.

وبلاغة الترتيب، إنما تظهر جلية عند استعراض أطوار الوجود الإنساني.

فالأول: طور التربية، والإعداد وهما من مظاهر الربوبية.

والثاني: طور القوة والتدبير وهما من مظاهر الملك.


(١) من لطائف الإمام في التسمية والوصف للقلب.

<<  <  ج: ص:  >  >>