للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثالث: طور الكمال والقيام بوظائف العبودية، وهو من مظاهر الألوهية (١).

المستعاذ منه:

المستعاذ منه تارة يوسوس للإنسان بما يفسد عليه صلته بربه، وتارة بما يفسد عليه تدبيره وما شرع له لمنفعته وصلاحه. وتارة بما يفسد عليه عبوديته له وهي أشرف علائقه به وأقوى صلاته.

وجماع ذلك أن يبعده عن الله بالوسوسة بواحدة من هذه أو بكلها، وبما يتفرع عنها مما تضمنته الآيات المبينة لأفعال أصل هذه القوة الموسوسة.

مثل قوله تعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ} [البقرة: ٢٦٨].

أو لذلك الشأن الجاري مجرى الحوار بين إبليس وبين خالقه، كقوله تعالى: {قَال فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: ٨٢].

وكقوله تعالى: {قَال أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: ٦٢].

وكقوله: {وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء: ١١٩].

فهو جاهد في أن يبعد الناس عن الله؛ بإفساد العقيدة الصحيحة فيه أو بالصرف عن شرع الله، أو بالحمل على عبادة غيره، فلذلك كله جاء الترتيب على هذا النمط المذكور بتلك العلائق القوية التي يريد الشيطان أن يقطعها.

تخصيص الناس بالذكر:

(والرب) رب الناس وغيرهم، بل رب العالمين وإنما خص الناس بالذكر:


(١) فالإنسان في طوره محتاج لتربية، وفي حياته لمشرع، ولدين يهديه الطريق، ولعل في هذا كفاية في الرد على من ادعى أن في تكرير لفظ الناس ركاكة في الأسلوب، ألا ساء ما يزعمون.

<<  <  ج: ص:  >  >>