١ - لأنهم هم هدفه ومرمى وسوسته، ولأنهم هم المأمورون بالاستعاذة منه، ولأن عالم التكليف أشرف، فإليهم يوجه الخطاب، وإليهم يساق التحذير.
وهذه الوسوسة نتيجة للعداوة بين أصليهما؛ فأمر الله بالاستعاذة منها هو تسليح إلهي لبني آدم، لتثبيت سنة التعمير التي هي حكمة الله من وجودهم.
٢ - ونكتة أخرى في تخصيص الناس بالذكر دون بقية أفراد المربوبين، وهي أنهم هم الذين ينطبق عليهم ناموس الهداية والضلال.
وقد ضلوا بالفعل في ربوبية الله وفي ألوهيته:
ضلوا في الربوبية باتخاذ المشرعين، ليشرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله، ويصدونهم بذلك عما شرع الله.
وضلوا في الألوهية بعبادة غير الله بما لا يعبد به أحد غيره كالدعاء.
اختيار لفظ الناس:
واختير لفظ الناس، من بين الألفاظ المشاركة له في الدلالة كالبشر والبرية، لأنه ينوس ويضطرب وينساق. وهي صفات يلزمها التوجه، ويسهل التوجيه، فلا غنى لصاحبها عن توفيق الله للوجهة الصالحة، والتسديد فيها، ما دام لا يملك لنفسه ذلك، وما دام محاسبًا عليه، وما دامت هناك قوة مسلطة تنزع به إلى الشر.
ففي تخصيص الناس بالذكر، تنبيه إلى أنهم أحوج المربوبين إلى تأييد الله وأحقهم بطلب ذلك منه - وقد أرشدهم إلى ذلك وله الحمد.
في اللفظ ضعفهم:
ولو تفقه الناس في معنى اسمهم واشتقاقه، لعلموا بفطرتهم أنهم مخلوقات ضعيفة لا تملك لنفسها نفعًا ولا ضرًا، ولأيقنوا أنه لا بد لهم من رب يربيهم ويحميهم، ومالك يدبر أمورهم، وإله يعبدونه ويتخذون العبودية له جنة من استعباد الأقوياء.