للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: (في صدور الناس). والصدر ملتقى حنايا الأضلع ومستودع القوى التي كان الإنسان إنسانًا بها، ومجموع المضغ التي تحمل تلك القوى، والقلب واحد منها، فالقلب غير الصدر، وإنما هو فيه، ولذلك قال:

{وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج: ٤٦].

الصدر ليس ماديًا فقط:

ومواقع استعمال القرآن لكلمة الصدر مفردًا وجمعًا والحكم عليها بالشرح، والحرج، والضيق، والشفاء، والإخفاء، والإكنان - ترشدنا إلى أنه ليس المراد منه الصورة المادية، ولا أجزاءها المادية، وإنما المراد القوى النفسية المستودعة فيه، وأن الوسواس الخناس، يوجه كيده ووسوسته دائمًا إلى هذه القلعة التي هي الصدر؛ لأنها مجمع القوى.

وقال: (في صدور الناس)، ولم يقل في قلوب الناس؛ لأن القلب مجلى العقل، ومقر الإيمان (١) وقد يكون محصنًا بالإيمان، فلا يستطيع الوسواس أن يظهره ولا يستطيع له نقبًا.

{مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}:

الجن:

(الجنة) جماعة الجن وهم خلاف الإنس، والمراد هنا أشرار ذلك الجنس، لأن منهم المسلمين ومنهم القاسطين (٢).

واستعمل لفظ الجنة في القرآن بمعنى المصدر الذي هو الجنون، في قوله


(١) وليس المراد بالقلب أيضًا هذه المضغة المادية، وإنما ما يسميه علماء النفس بمنطقة ما وراء الحس والشعور.
(٢) لقوله تعالى في سورة الجن: {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ} [الآية: ١٤] أي العادلون عن الإسلام إلى غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>