للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صنع الله تبارك وتعالى في خلقها وتسويتها وهكذا" (١).

ب - وعند قوله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب: ٦] , قال الشيخ رحمه الله: "عبَّر القرآن الكريم عن الاستحقاق بالولاية، فوقعت كلمة (أولى) موقع كلمة (أحق) لما في الأولى من الشعور بأن ذلك الاستحقاق إنما كان عن الحب والولاء، والرغبة والرجاء، لا عن خوف ولا إرهاب، ولا إلزام ولا إكراه (٢).

ج - وفي تفسيره لأوائل سورة التوبة قال الشيخ البنا رحمه الله: تحت عنوان (تكرير للتقرير).

وإن القارئ ليلمح في هذه الآيات الكريمة الإسهاب والإطناب وتكرير المعاني والألفاظ، وقد يقال: إن الإطالة ليست من الإعجاز، والتكرار ليس من البلاغة، وهذا خطأ في الحكم عظيم، فإن البلاغة مراعاة مقتضى الحال، والإعجاز نفاذ المعاني إلى النفس واستقرارها فيها بصورة لا يصل إليها أسلوب آخر.

والمقام هنا مقام تكوين وتأسيس وإنشاء للأمة الإِسلامية الجديدة التي أذن لها أن تحمل إلى الإنسانية بأجمعها رسالته الشاملة الخالدة الباقية، وتكوين خير أمة أخرجت للناس، وذلك لا يتم إلا بتخليصها من كل عناصر الفتنة والضعف والشغب والفساد والتهدم مهما كانت التضحيات في هذه الوسائل، حتى تصير نقية قوية خالصة صالحة، فاقتضى المقام الإطناب في صفات المشركين والمنافقين، والتطويل في واجبات المؤمنين والمجاهدين. ليهلك من هلك عن بيِّنة ويَحْيى من حيَّ عن بَيِّنة والله سميع عليم، فهو


(١) مقاصد القرآن ص ٣٠١.
(٢) ص ٣٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>