للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا شك أن لهذه السياسة أثرها البالغ في صلاح المجتمع الإنساني وتحقيق معنى التكافل والعدالة واستقامة الأوضاع فيه، ولا شك أن من لاحظها وأنفق مما رزقه الله في حدود قواعدها مع إقامة الصلاة والإيمان بالغيب فهو من خيار المتقين المهتدين بهداية القرآن الكريم.

* أفضل نظام اقتصادي:

ولا شك أن القرآن بسياسته هذه في الإنفاق قد أقام الاقتصاد الاجتماعي على المزج بين أصلين أساسيين أولهما: الاعتراف بمواهب الفرد وحقه في ثمرات كسبه وعدم الحد من جهوده في هذه السبيل ما دام يكتسب من حلال طيب لا إثم فيه ولا عدوان، وهذا هو الأساس الذي قام عليه النظام الذي يسمونه في هذا العصر (بالرأسمالية) وهو وحده لا يؤدي إلى صلاح المجتمع أو استقرار الأمور بين الناس على وفاق وصفاء فكان لا بد من المزج بينه وبين الأصل الثاني وهو: تقرير حق المجتمع في كسب الفرد ووجوب التكافل بين أبناء الأمة الواحدة وهو الأساس الذي قام عليه النظام الذي يسمونه في هذا العصر (بالشيوعية) وهو وحده لا يؤدي كذلك إلى صلاح المجتمع أو استقرار الأمور فيه بين الناس على وفاق وصفاء فكان من المزج بينه وبين الأصل الأول.

فجاء نظام القرآن بهذا المزج بين أفضل ما في النظامين وقدمه للناس سائغًا في صورة (اشتراكية معقولة) عمادها تقديس الأخوة، وروحانية العاطفة، وحب الخير، والإيمان بالجزاء في الدنيا والآخرة، وليس ذلك فحسب -فإن من النفوس من لا تهزه هذه النواحي وحدها- بل لاحظ أيضًا وجوب تدخل الدولة وحماية هذا السمو بالتشريع بل بالقتال -إذا احتاج الأمر عند اللزوم- ومن هنا قال الخليفة الأول رضي الله عنه: والله لو منعوني عَناقا كانوا يؤدونها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلهم على منعها.

<<  <  ج: ص:  >  >>