الدنيوي ويستبطئون نزوله بالمخالفين، ويريدون أن يتخذوا من هذا وذاك حجة لهم على أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليس بصادق، وقد علمت ما في ذلك من المغالطة والضعف.
وهذه الآية تقرر أن هؤلاء أخذوا يقترحون على الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن ينزِّل عليهم آية يستدلون على صدقه، وقد تكرر هذا المعنى في كثير من آيات القرآن الكريم، بل ورد في هذه السورة نفسها في موضع آخر قول الله تبارك وتعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ (٢٧)} [الرعد: ٢٧].
وفي سورة الأنعام ورد في لك في موضعين، ففي الأول منهما اقترحوا آية معينة:{وَقَالوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ}[الأنعام: ٨] , وفي الثاني اقترحوا آية مبهمة: {وَقَالوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٣٧)} [الأنعام: ٣٧].
وفي سورة طه: {وَقَالوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى (١٣٣)} [طه: ١٣٣].
وقد تكرر طلبهم نزول الملك بدلًا من الرسول البشري في آيات كثيرة غير سورة الأنعام ففي سورة الحجر: {وَقَالوا يَاأَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (٦) لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٧) مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا