للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في كل خطواته: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} [الشورى: ٥٢].

ولو عرفت هذا أيضًا سهل عليك أن تعلم أن سورة (الضحى) وسورة (ألم نشرح لك صدرك)، لم تكونا إلا تصويرًا لحالته النفسية - صلى الله عليه وسلم - قبل البعثة وذكْرًا لمنة الله عليه - صلى الله عليه وسلم - بعدها، وذلك هو معنى قوله تعالى: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (٦) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} [الضحى: ٦ - ٧]، أي: حائر الفكر في طريق إصلاح قومك وإرشادهم فهداك بوحيه إلى أفضل هذه الطرق وأنجعها وهو معنى قوله تعالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} [الشرح: ١]، بالهداية إلى طريق الإصلاح بعد انقباضه حينًا من الدهر لعدم معرفة هذا الطريق: {وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (٢) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (٣)} [الشرح: ٢ - ٣] ووضعنا عنك حمل التألم لما عليه قومك مع عجزك عن علاجهم أولًا، ووضعنا عنك ما كنت تشعر به من الضيق الشديد الذي تنوء به الجبال فأرشدناك إلى طريق الهداية والإرشاد ورفعنا لك ذكرك.

هذا هو المقصود والله أعلم وكل ما يتقوله الذين في قلوبهم زيغ من أغرار الملاحدة والمبشرين يريدون انتقاص المصطفى - صلى الله عليه وسلم - فكل ما يتقولونه عَفَنٌ في العقول وزَيغٌ في العقائد.

وهذا المعنى إنما يُدْركَه مَنْ صَفت نفسه، وخَلُصَ من رق الغايات عمله، وشعر بما عليه قومه وَرَدَّ إصلاحه من صميم قلبه ..

فاللَّهم أرشدنا إلى أقوم السبل لا يُرشدُ إلى أقومها إلا أنت (١).


(١) جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية -السنة الأولى- العدد ٥ في ٣٠ ربيع الأول ١٣٥٢ هـ/ ١٣ يوليو ١٩٣٣ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>