للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ}.

هذا خطاب لمطيقي الصيام من الذين خيروا بين الصوم والفدية، فهي من متممات قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}. والمعنى: أن الصوم أفضل من الفدية، ذلك أن الفوائد الروحية والاجتماعية التي تحصل بالصوم أرجح من الفوائد التي تحصل بالفدية. ويصح أن تكون هذه الجملة موصولة بقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} فيكون المراد منها، فرض عليكم الصيام الخ، ثم قال {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} أي أن الصوم من الأعمال التي تورثكم خيرًا عظيمًا.

{إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.

هذا أسلوب معروف في بلاغة اللغة العربية، يقصد منه التحريض على فعل ما هو خير كما ورد في هذه الآية، أو الزجر عما فيه شر، كما قال تعالى: {وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة: ٩] فقوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} بمعنى: إن كنتم من أهل العلم. والمعنى: وصومكم خير لكم فصوموا إن كنتم من أهل العلم، لأن شأن أهل العلم المبادرة إلى الفعل متى عرفوا وجه الخير منه.

{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}.

هذا بيان للأيام المعدودات المفروض على الناس صيامها، ومعنى إنزال القرآن في شهر رمضان: ابتداء نزوله فيه، فقد أنزل في ليلة القدر، وكانت وقتئذ في رمضان، وهي المشار إليها بقوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (٣) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (٤)} [الدخان: ٣ - ٤] وفي قوله: {أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} تنبيه لمزية في هْذا الشهر اقتضت تخصيصه بأن يكون مظهرًا لركن من أهم أركان الإسلام وهو الصيام، تلك المزية هي: جملة مبدأ لإنزال الكتاب الذي استضاء الناس بما فيه من هدى وبينات من الهدى والفرقان. ومعنى كون القرآن

<<  <  ج: ص:  >  >>