النصر عليهم. التعبير في الآية في صورة الخبر ولكن المقصود النهي وذلك تلطف من الله تعالى.
ومن خلال هذه النماذج التي ذكرتها لك، تجد أن الشيخ كانت له عناية كبيرة بالقضايا اللغوية والبلاغية، وقد رأيت ذلك عند حديثه عن معنى الصيام والعقد، والحزن، وترى هذا مبثوثًا في تفسيره فمن ذلك:
أ - ١ - عند قوله:{وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ}[البقرة: ٢٦] قال: الفاسقون جمع فاسق من الفسق وهو في أصل اللغة الخروج، يقال: فسقت الرطبة من قشرها، أي خرجت منه.
وشرعًا: الخروج من طاعة الله فيشمل الخروج من حدود الإيمان وهو الكفر، ثم ما دون الكفر من الكبائر والصغائر، ولكنه اختص في العرف من بعد بارتكاب الكبيرة ولم يسمع الفسق في كلام الجاهلية بمعنى الخروج عن الطاعة، فهو بهذا المعنى من الألفاظ الإسلامية.
٢ - ومن ذلك تعريف التلقي في قوله {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} قال: التلقي في الأصل التعرض للقاء، ثم استعمل في معنى آخذ الشيء وقبوله، تقول: تلقيت رسالة من فلان، أي أخذتها منه وقبلتها.
٣ - ومعنى الوسط في قوله {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}. قال: الوسط في الأصل: ما بين طرفين أو أطراف، ويستعمل بمعنى العدل، والخير، ويوصف به المفرد والجمع والمذكر والمؤنث، وهو في الآية بمعنى خيار عدول، وقيل: للخيار وسط، لسلامة الوسط مما يسارع إلى الأطراف من الخلل والفساد ومسالك الوسط من الطريق محفوظ من الانحراف إلى غير طريق".
ب - أما القضايا البلاغية فبالإضافة إلى ما مر نستمع إليه عند تفسيره قوله تعالى:{أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ}[البقرة: ١٢].