٥ - أما مسألة الأرواح التي كثر الحديث عنها، ومع كل أسف في كتب التفسير، كما رأينا في الجواهر وتفسير المراغي، وتفسير الأستاذ أحمد مظهر العظمة - الذي سنتحدث عنه فيما بعد إن شاء الله، فإن الشيخ الخضر رحمه الله يكتب عنها، من أجل تثبيت عقيدة المسلم، مفندًا رادًّا كل دعوى من هذا القبيل.
يقول (١): "فلا نتوقف في الإيمان بالأرواح والجن على أن يثبتهما العلم البحت، ويكفينا أنه لا يستطيع نفيهما بدليل منطقي يسلمه العقل إذا خلا ونفسه. فدعوى أن روح فلان أو فلان الميت بعينها، يقتادها فلان من مستقرها، ويضعها بين أيدي المتجمعين حوله للتسلية، وتحدثهم عن حالها أو حال غيرها في الدنيا أو بعد الموت، لم تجئنا مصحوبة بدليل سوى أن فلانًا الأوروبي قال أو جرب أو ألف. وهذا النوع من الاستدلال لا يغني في مسألة كمسألة الأرواح فتيلًا. ولماذا لا تكون هذه الأرواح التي تستحضر من قبيل الأرواح الخفية التي هي الجن؟ وهذه الأرواح ليست مبرأة من أن تضلل أو تقول باطلًا.
وكيف يكون حال المسلم إذا قال له "محضر الأرواح": هذه روح فلان الذي مات على عقيدة الوثنية أو غيرها من الأديان الباطلة، ويسمع من هذه الروح أن صاحبها في نعيم وسعادة؟ ! أيرتاب في دينه، أم يكذب أن هذه روح فلان الكافر بحكم دينه! ! والحق أن الله لم يجعل للعلم بأحوال الموتى من سبيل، غير ما دل عليه كتابه العزيز، أو أخبر عنه النبي المعصوم".
والشيخ بعد ذلك كله سلفي في عقيدته، ولكنه ليس من أولئك المتزمتين، الذين لا هم لهم إلا غمز الأئمة والنيل من الصالحين. وها هو في كل ما فسر يتبع هذا النهج. يظهر هذا في تفسيره للرحمة والغضب في سورة الفاتحة والاستواء في سورة البقرة.
(١) لواء الإسلام العدد الأول السنة الرابعة ص ٦٣ - ٦٤.