وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (٢٩) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} [النازعات: ٢٧ - ٣٠] فذكر خلق السماء قبل خلق الأرض، ثم قال: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالمِينَ (٩) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (١٠) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَال لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت: ٩ - ١١] فذكر في هذه الآية خلق الأرض قبل خلق السماء، وقال:{وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} وقال. {وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} وقال: {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} فكأنه كان ثم مضى، ثم قال ابن عباس: فلا أنساب بينهم، في النفخة الأولى ينفخ في الصور فيصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله. فلا أنساب عند ذلك ولا يتساءلون، ثم في النفخة الأخرى أقبل بعضهم على بعض يتساءلون. وأما قوله:{وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ}[الأنعام: ٢٣]{وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا}[النساء: ٤٢] فإن الله يغفر لأهل الإخلاص ذنوبهم، فيقول المشرك: تعالوا نقل: ما كنا مشركين، فيختم الله على أفواههم، فتنطق جوارحهم بأعمالهم فعند ذلك عرف أن الله لا يُكْتَم حديث عنده، {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ}[الحجر: ٢]، وخلق الأرض في يومين ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات في يومين آخرين، ثم دحى الأرض أي بسطها وأخرج منها الماء والمرعى، وخلق فيها الجبال والأشجار والآكام وما بينهما في يومين آخرين فذلك قوله دحاها. فخلقت الأرض وما فيها من شيءفي أربعة أيام وخلقت السماوات في يومين وقوله:{وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} سمى نفسه ذلك أي لم يزل ولا يزال كذلك، فإن الله لم يرد شيئًا إلا أصاب به الذي أراد، فلا يختلف عليك القرآن، فإن كلا من عند الله. وفي رواية عبد الرزاق قال ابن عباس: ما هو آلشكُّ في القرآن؟ قال ليس بشك ولكنه اختلاف (١).
(١) ذكره البخاري في كتاب التفسير/ سورة فصلت معلقًا.