الطبراني وذكره الحافظ الهيثمي، رحمه الله تعالى في مجمع الزوائد (١) في كتاب التفسير وعلق عليه بقوله: (فيه أبو بكر بن أبي صبرة وهو متروك)، وهذا الاصطلاح له مدلوله عند المحدثين وإذا كان الحديث قد رد سندًا فيمكن أن نوده كذلك متنًا، فإن السؤال عن الذاريات وأخواتها لا يحمل إشارات الانحراف، وليس فيه رائحة المتشابه، سيما وقد صرح عمر -رضي الله عنه- أنه سمع تفسيره من النبي عليه وآله الصلاة والسلام، وأخرى غير مقبولة في متن الحديث وهي أن عمر أمر بجلده مئة وهي حد الزاني ثم مئة ثانية تبعهما النفي والحبس، وهذا من شأنه أن يكمم الأفواه ويذل الجباه، وما نظن ذلك كائنًا في ظل الخلافة الراشدة التي كانت فيها أروع الأمثلة لما ينقص المسلمين اليوم من حرية التعبير. وأما الرد بطريقة المعارضة فإننا نجد في تاريخ المسلمين في تلك الحقبة. مثلًا رائعًا لسعة الصدر دون حجر على الفكر أو تعنت أو تشدد، فعمر -رضي الله عنه- نفسه كان يسأل عن آيات كثيرة، وفي كتب السنة أنماط متعددة لأسئلة ذات اتجاهات مختلفة في شؤون العقيدة، وفي الحلال والحرام حتى في قضايا الكون، كالرتق والفتق في قوله تعالى:{أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا}[الأنبياء: ٣٠] ومع ذلك لم نجد وجهًا مكفهرًا لمسؤول، ولا زجرًا أو صدًا لسائل، فضلًا على أن يجلد المئين وينفى ويحبس بل لقد وجدنا ما هو أكثر من هذا وأشد، ففي صحيح البخاري رحمه الله تعالى عن الإمام الشهيد سعيد بن جبير رحمه الله تعالى ورضي الله عنه. قال: قال رجل لابن عباس: إني أجد في القرآن أشياء تختلف عليّ قال: وما هي؟ قال:{فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ}[المؤمنون: ١٠١] وقال: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ}[الصافات: ٢٧] وقال: {وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا}[النساء: ٤٢]، وقال:{وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ}[الأنعام: ٢٣] وقد كتموا في هذه الآية. وفي النازعات {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (٢٧) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (٢٨)