للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- حتى ولو كانت القتل العمد - مؤمن، للوصف بالإيمان بعد وجود القتل، ولبقاء الأخوة الثابتة بالإيمان، ولاستحقاق التخفيف والرحمة" (١).

ووضّح هذا في موضع آخر، حيث قال: "وفي موضوع القتل العمد، وتفسير الخلود في النار- الذي هُدِّد به صاحبه - قضايا كثيرة، ضل بها من ضلّ، وخلاصة الحق في هذا الموضوع، أن من قتل مؤمنًا قاصدًا لأنه مؤمن، أو قتل مؤمنًا مستحلًا قتله بلا شبهة معتبرة شرعًا، فهو كافر، وجزاؤه الخلود الأبدي في النار، أما من قتل مؤمنًا عمدًا غير مستحل، فهو مؤمن، ويستحق المقام الطويل في جهنم إلا أن يعفوَ الله، وقد قال العلماء: إن في القتل ثلاثة حقوق: حق الله، وحق القتيل، وحق أوليائه، فحق أوليائه الدية أو القصاص، وحق الله يسقط بالتوبة إن قبلها الله، ويبقى حق القتيل يوم القيامة، فإن شاء الله أن يرضي القتيل أرضاه عن قاتله، وإن شاء عذّب القاتل بحق القتيل، وإذا أدخله الله في النار فذلك إليه - سبحانه - ولكن لا يخلّد فيها أبدًا، كالكافرين لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "يخرج من النار من كان في قلبه ذرة من إيمان"، والخلود في اللغة يطلق على المكث الطويل، وفي آية القتل العمد يدور كلام كثير، وما قلناه مدار كلام أهل الحق" (٢). كلامه هذا كما هو معلوم موافق لما جاء في كتب أهل السنّة والجماعة.

وبتتبع تفسير الشيخ آيات الصفات نجد أنه كثيرًا ما ينقل عن ابن كثير في هذا المجال، وغالبًا لا يعقب، فيُعلم أنه يقبل ما ينقل، قال: "وقد ألزمت نفسي في آيات الصفات أن أبقى ضمن الحدود التي ذكرها ابن كثير، لإيماني بأن هذا الموضوع لا يستطيع أحد أن يعرف أبعاد ما يقال فيه إلا إذا كان من الراسخين في العلم، فالكلام


(١) الأساس، ١/ ٣٩٨.
(٢) الأساس، ٢/ ١١٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>