للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بتوسع فيه في مثل هذا التفسير قد يُساء فهمه عند أنواع من القراء، فاقتصرت فيه على ما قاله ابن كثير، وكلامه يسع الجميع ويكفي الجميع" (١).

ومن الأمثلة التي وردت في تفسيره، والتي تظهر مذهبه العقدي، قوله في تفسير الاستواء في الآية الكريمة: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: ٥٤]: "قال ابن كثير: وأما قوله تعالى: {أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} فللناس فيه هذا مقالات كثيرة جدًّا، ليس هذا موضع بسطها، وإنما نسلك في هذا المقام مذهب السلف الصالح، مالك والأوزاعي والثوري والليث بن سعد والشافعي وأحمد وإسحاق بن راهويه وغيرهم، من أئمة المسلمين قديمًا وحديثًا، وهو إمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل، والظاهر المتبادر إلى أذهان المشبهين منفي عن الله، فإن الله لا يشبهه شيء من خلقه، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١]، بل الأمر كما قال الأئمة، منهم نعيم بن حماد الخزاعي شيخ البخاري، قال: من شبّه الله بخلقه كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيه، فمن أثبت لله تعالى ما وردت به الآيات الصريحة والأخبار الصحيحة على الوجه الذي يليق بجلال الله، ونفى عن الله تعالى النقائص فقد سلك سبيل الهدى" (٢). وبعد أن نقل هذا الكلام عن ابن كثير لم يعقب عليه، وهذا دليل قبوله.

وفي تفسير اليد في قوله تعالى: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح: ١٠]، أيضًا نقل ما قاله ابن كثير دون تعقيب، حيث قال: "قال ابن كثير: أي هو حاضر معهم يسمع أقوالهم ويرى مكانهم ويعلم ضمائرهم وظواهرهم، فهو تعالى هو المبايع بواسطة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٣).


(١) الأساس، ١١/ ٦٧٧٣.
(٢) الأساس، ٤/ ١٩١٤.
(٣) الأساس، ٩/ ٥٣٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>