يقول الشيخ في تدريسه: كان الأولى أن يقول ابن مالك:
إن قلتَ: زيدٌ عاذرٌ من اعتذر ... فالمبتدأ زيدٌ وعاذرٌ خبر
وحينما سمعتُ هذا القول من محدثي -رحمه الله- كدتُ أقبَلُهُ، وبعدَ أيام وجدتُ أن ابن مالك لم يَعْدُ الصوابَ فيما قال، فلو كان ابن مالك يريدُ إعراب هذه الجملة، أعني: زيدٌ عاذرٌ من اعتذر، لكان قول الشيخ مقبولًا، لكن ابن مالك أراد أن يبين المبتدأ والخبر في هذه الجملة.
وذكرتُ هذه الحادثة لأخلُصَ إلى أن هناك بعضَ الناس قد تكون لهم آراء خاصة يخالفون فيها المحققين من ذلك ما ذهب إليه صاحب (الأضواء) -رحمه الله- عند بعض الآيات. منها:
- قوله تعالى:{وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ}[آل عمران: ٧]. يذكر أن للعلماء قولين في هذه الواو، وهو خلافٌ معروف، فالذين يرون أنّ الراسخين يعلمون يقولون: إنّ الواو عاطفة، والذين يرون أن الراسخين لا يعلمون المتشابه يقولون: إنها استئنافية. وهذا هو رأي الشيخ -رحمه الله- ولا أود أن أعرض لهذه القضية فهي معروفة لدى العلماء، لكن الذي يعنينا هنا أن الشيخ يذهب مذهبًا في إعراب قوله تعالى:{يَقُولُونَ}. فالمحققون من العلماء يرون أنّ الجملة حالية، أي في محل نصب على الحال، أو مستأنفة استئنافًا بيانيًا. يقول الزمخشري -رحمه الله-: "قوله {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} أي: لا يهتدي إلى تأويله الحق الذي يجب أن يحمل عليه إلا الله وعبادُه الراسخون في العلم، أي: ثبتوا فيه وتمكنوا، وعضوا فيه بضرسٍ قاطع ... و {يَقُولُونَ} كلام مستأنف موضح لحال الراسخين بمعنى هؤلاء العالمون بالتأويل {يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ} ... "(١).