ويقول صاحب "الدر المصون" السمين الحلبي -رحمه الله-: "وقوله {وَالرَّاسِخُونَ} يجوز فيه وجهان:
أحدهما: أنه مبتدأ، والوقف على الجلالة المعظمة، وعلى هذا فالجملة من قوله:{يَقُولُونَ} خبر المبتدأ.
الثاني: أنهم منسوقون (معطوفون) على الجلالة المعظمة، فيكونون داخلين في علم التأويل.
وعلى هذا فيجوز في الجملة القولية {يَقُولُونَ} وجهان: أحدهما: أنها حال. أي: يعلمون تأويله حال كونهم قائلين ذلك. والثاني: أن تكون خبر مبتدأ مضمر، أي هم يقولون" (١).
لكن الشيخ -رحمه الله- لم يرتضِ ما قاله هؤلاء، ويرجح أنّ جملة {يَقُولُونَ} معطوفة بحرف محذوف، ويستدل لذلك بأن: "حذف الحرف المعطوف أجازه ابن مالك وجماعة من علماء العربية، والتحقيق على جوازه، وأنه ليس مختصًا بضرورة الشعر -كما زعمه بعض علماء العربية- والدليل على جواز وقوعه في القرآن قوله {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ (٨)} [الغاشية: ٨]، فإنه معطوف بلا شك على قوله: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (٢)} [الغاشية: ٢] بالحرف المحذوف الذي هو الواو، ويدلُّ له إثبات الواو في نظيره في قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ (٢٤)} [القيامة: ٢٢ - ٢٤]. وقوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (٣٨) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (٣٩) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (٤٠)} [عبس: ٣٨ - ٤٠]. وجعل بعضَ العلماء منه قوله تعالى:{وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ}[التوبة: ٩٢]. يعني: وقلت، بالعطف بواو محذوفة، وهو