وتَوَجَّسَت رِزَّ الأنيس فراعَها ... عن ظَهْرِ غيبٍ والأنيسُ سَقامُها
وقول طرفه في معلقته:
وصادِقَتَا سَمْعِ التَّوَجُّسِ للسُّرَى ... لهجي خَفِيٍّ أو لصَوْتٍ مُنَدِّدِ
وقول ذي الرمة:
إذا تَوَجَّسَ رِكْزًا مُقْفِرٌ نَدَسٌ ... بِنَبأَةِ الصَّوْتِ ما في سَمْعِهِ كَذِبُ
والاستفهام في قوله (هل) يزاد به النفي، والمعنى: أهلكنا كثيرًا من الأمم الماضية فما ترَى منهم أحدًا، ولا تسمع لهم صوتًا، وما ذكره في هذه الآية من عدم رؤية أشخاصهم، وعدم سماع أصواتهم، ذَكَرَ بعضه في غير هذا الموضع، كقوله في عاد: {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ (٨)} [الحاقة: ٨]، وقوله فيهم:{فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ}[الأحقاف: ٢٥]، وقوله: {فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (٤٥)} [الحج: ٤٥] إلى غير ذلك من الآيات" (١).
هذا هو تفسير الشيخ الشنقيطي -رحمه الله- أرجو أن أكون قد أعطيتُ فكرةً تامة للقارئ عنه، وأعتذر أن كتابي لا يتسع لأكثر من هذا، راجيًا أن يكون فيما ذكرت الغنية والكفاية، وتتحدث الآن عن تتمة تلميذه الشيخ عطية محمد سالم رحمه الله.