للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند قوله تعالى: {وَتِلْكَ الْأَمْثَال نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٢١)} [الحشر: ٢١]. يقول: "وأكثر ما في القرآن من أمثلة إنما هو من قبيل التشبيه التمثيلي وهي تشبيه صورة بصورة، وهو من أوضح أساليب البيان" (١). وعند قوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥)} [الجمعة: ٥]. يقول: "والذي يظهر والله تعالى أعلم، أنه من قبيل التشبيه التمثيلي، لأن وجه الشبه مركب من مجموع كون المحمول كتبًا نافعة، والحاملِ حمارًا لا علاقة له بها" (٢). وهو يوافق برأيه رأي الشيخ عبد القاهر الجرجاني -رحمهما الله-. وتحدث عن رأي البلاغيين في تقسيم الكلام إلى خبر وإنشاء، ويذكر رأي السعد في التلخيص (٣).

فالشيخ لا ينكر الاستعارة والمجاز، وقد سمعت له درسًا عبر (المذياع) من مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يتحدث عن (ضالة الإبل) وما جاء من خبرها في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي يرويه زيد بن خالد الجهني، قال: جاء أعرابي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فسأله عما يلتقطه، فقال: "عَرِّفها سنةً، ثم اعرف عفاصها ووكاءها، فإن جاء أحد يخبرك بها وإلا فاستنفقها"، قال: يا رسول الله! فضالّةُ الغنم؟ قال: "لك أو لأخيك أو للذئب"، قال: ضالَّةُ الإبل؟ فتمعَّر وجه النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "ما لَكَ ولها معها حذاؤها وسقاؤها، تَرِدُ الماء وتأكل الشجر" (٤). فقال الشيخ -رحمه الله- عند قوله: "وحذاؤها" ذكرُ الحذاء وهو للإنسان من باب الاستعارة.

ويمكن أنْ تضاف بعض الميزات لمنهج الشيخ عطية عن منهج شيخه -رحمهما الله- بالإضافة لما سبق ذكره، ومن هذه الميزات:


(١) المصدر السابق، ٨/ ٦٦.
(٢) المصدر السابق، ٨/ ١١٨.
(٣) انظر: ٨/ ١٨٩.
(٤) البخاري، الصحيح، كتاب اللقطة، باب ضالة الإبل، الحديث رقم ٢٤٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>