للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قال مُعِدُّه للشاملة: لم يكتب المؤلف (د فضل عباس) رحمه الله، هذا الفصل، ولم يقرأه، كما هو مبين في المقدمة جـ٣/ ٥]

معروفة باليمن لا تُنبِت شيئًا، والإتيان بكلمة الصريم هنا لكثرة معانيها وصلاحية جميع تلك المعاني لأن تراد في الآية" (١).

وقد يختار القرآن الفعل على غيره؛ لأن هذا الفعل أوعب، ويحتمل ما لا يحتمل غيره من المعاني، ومتعلقاتها، ومن ذلك قوله تعالى: {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ} [فصلت: ٢٥]، قال: "وقيض: (أتاح وهيأ شيئًا للعمل في شيء) ومعنى تقييضنا لهم، تقديرنا لهم، أي: خلق المناسبات التي يتسبب عليها تَقارُنُ بعضهم مع بعض لتناسب أفكارِ الدعاة والقابلين، كما يقول الحكماء: (استفادَةُ القابل من المبدأ تتوقف على المناسبة بينهما)، فالتقييض بمعنى التقدير عبارة جامعة لمختلف المؤثرات والتجمعات التي توجب التآلف والتحابَّ بين الجماعات، ولمختلف الطبائع المكوَّنة في نفوس بعض الناس، فيقتضي بعضها جاذبيةَ الشياطين إليها، وحدوث الخواطر السيئة فيها، وللإحاطة بهذا المقصود أوثر التعبير هنا بـ (قيضنا) دون غيره من نحو: بعثنا وأرسلنا" (٢).

وقد يُختار في القرآن الحرف لدواعٍ معينة وقد يُختار في القرآن التعبير بالفعل دون المصدر، كما في قوله تعالى: {أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ}. بعد قوله: {لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ} [يونس: ٤١]، قال: "وإنما عدل عن الإتيان بالعمل مصدرًا كما أُتي به في قوله: {لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ} إلى الإتيان به فعلًا صلة لـ (ما) الموصولة للدَّلالةِ على البراءة من كل عمل يحدث في الحال والاستقبال، وأما العمل الماضي فلكونه قد انقضى، لا يتعلق بالغرض بذكر البراءة منه، ولو عُبِّر بالعمل لربما تُوُهِّمَ أن المراد عمل خاص، لأن المصدر المضاف لا يَعُمُّ، ولتجنب إعادة اللفظ بعينه في الكلام الواحد، لأن جملةَ البيان من تمام المُبَيَّن، ولأن هذا اللفظ أنسبُ بسلاسة النظم، لأن


(١) ٢٩/ ٨٢. وانظر: ٢٩/ ١١٧، ٢٩/ ٢٦٢.
(٢) ٢٤/ ٢٧٤ - ٢٧٥. وانظر: ٢٢/ ٣٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>