للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قال مُعِدُّه للشاملة: لم يكتب المؤلف (د فضل عباس) رحمه الله، هذا الفصل، ولم يقرأه، كما هو مبين في المقدمة جـ٣/ ٥]

في (ما) في قوله: {مِمَّا أَعْمَلُ} من المد ما يجعله أسعدَ بمد النَّفَسِ في آخر الآية، والتهيئة للوقف على قوله: {مِمَّا تَعْمَلُونَ (٤١)}، ولما في {تَعْمَلُونَ} من المد أيضًا، ولأنه يراعي الفاصلة، وهذا من دقائق فصاحة القرآن الخارجة عن الفصاحة المتعارفة بين الفصحاء (١).

وقد تأتي الكلمة في القرآن مفردة أو مجموعة، وذلك بحسب الدواعي البلاغية المقتضية لذلك (٢)، والشيخ رحمه الله تعالى في كثير من الوقفات عند هذا الجانب يفسره لك (بالتفنن) وهو يعني لئلا ينحصر القرآن في نمط واحد من أنماط الكلام، والتعليل بمثل هذا لا ينبغي الوقوف عنده (٣)، وقد يقف وقفات يعلل بها بغير ذلك، ولكن في تعليله قصور واضح، وهناك بعض الأمثلة لتدرك سر الروعة القرآنية في اختيار الكلمات في مواقعها المناسبة:

خذ مثلًا (السمع والبصر) فإن لفظ (السمع) لم يأت في القرآن مجموعًا البتة بخلاف (البصر) فإنه جاء في القرآن بلفظ الجمع دائمًا (٤) ولا بد لهذا من داع يقتضيه، وقد وقف الشيخ عند بعض الآيات القرآنية في ذلك فعلل سِرَّ الجمع والإفراد بخفة أحد اللفظين مفردًا والآخر مجموعًا وذلك عند قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ} [الأنعام: ٤٦]، قال: "والأبصار جمع بصر، وهو في اللغة العين على التحقيق، وقيل: يُطلَق البصر على حاسة الإبصار، ولذلك جمع ليَعُمَّ بالإضافة جميع أبصار المخاطبين، ولعل إفراد السمع وجمع الأبصار جَرَى على ما يقتضيه تمام


(١) ١١/ ١٧٦. انظر: ١١/ ٧٢.
(٢) انظر: أسباب الإفراد والجمع للأستاذ فضل عباس، ص ٧٩، من بحثه بعنوان المفردات القرآنية مظهر من مظاهر الإعجاز.
(٣) سيأتي لهذا مبحثه الخاص به.
(٤) انظر: صفاء الكلمة، ص ١٣٧، سوى أن الأبصار جاءت مفردة في موضع واحد وذلك في الإسراء الآية ٣٦. انتهى منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>