للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قال مُعِدُّه للشاملة: لم يكتب المؤلف (د فضل عباس) رحمه الله، هذا الفصل، ولم يقرأه، كما هو مبين في المقدمة جـ٣/ ٥]

لأن هناك تحكم في العضو بحيث يرى أو لا يرى، أما السمع فلا خيار لأحد فيه، لذلك جاء (السمع) مفردًا دائمًا و (الإبصار) مجموعة دائمًا (١).

وأما إفراد (البصر) في قوله: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ} [الإسراء: ٣٦]، فذلك لأن الكلام عن المسؤولية الذاتية وهي مسؤولية الفرد، فكل إنسان مسؤول عن نفسه، وليس مسؤولًا عن إبصار غيره، ولهذا أفرد لفظ البصر هنا (٢).

وعرض الشيخ للاستفهام، وذكر أن الاستفهام يخرج من معناه الحقيقي إلى معانٍ جديدة متنوعة، وهذه المعاني التي خرج إليها الاستفهام قد تكون حقيقة وقد تكون مجازًا.

والظاهر أن الشيخ يرى أن المعاني المفادة من أحرف الاستفهام في جملها، هي معانٍ مجازية، وهي على التحديد من قبيل المجاز المرسل، ومثل هذه المسألة لم يطرقها مدونو البلاغة من مثل عبد القاهر والزمخشري -رحمهما الله- وإنما هي من صنيع أصحاب الحواشي والمتأخرين.

ونقف عند مثال واحد للشيخ رحمه الله، وهو ما ذكره الشيخ عند تفسيره قوله تعالى: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (٩١)} [الماندة: ٩١]، ولابد من ذكر النص الذي قاله كاملًا حتى يحسن توضيح ما فيه، قال الشيخ: "الفاء تفريع عن قوله: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ} الآية، فإن ما ظهر من مفاسد الخمر والميسر كافٍ في أنتهاء الناس عنهما فلَمْ يبق حاجة لإعادة نهيهم عنهما، ولكن يستغنى عن ذلك باستفهامهم عن مبلغ أثر هذا البيان في نفوسهم ترفيعًا بهم إلى مقام الفَطِنِ الخبير، ولو كان بعد هذا البيان كلِّه نهاهم عن تعاطيها لكان قد أنزلهم منزلة الغبيِّ، ففي هذا الاستفهام من بديع لطف الخطاب ما بلغ به حدَّ الإعجاز، ولذلك اختير الاستفهام بـ {هَلْ} التي أصل معناها


(١) صفاء الكلمة، ص ١٣٧. وانظر: المفردات القرآنية، ص ٨٩. وانظر: البرهان، ٤/ ١٩.
(٢) صفاء الكلمة للدكتور لاشين، ص ١٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>