للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قال مُعِدُّه للشاملة: لم يكتب المؤلف (د فضل عباس) رحمه الله، هذا الفصل، ولم يقرأه، كما هو مبين في المقدمة جـ٣/ ٥]

(قد)، وكَثُر وقوعها في حيز الاستفهام، فاستغنوا بـ {هَلْ} عن ذكر الهمزة، فهي لاستفهام مُضَمَّنٍ تحقيقَ الإسنادِ المستفهَمِ عنه وهو {أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (٩١)}، دون الهمزة، إذ لم يقل: أتنتهون، بخلاف مقام قوله: {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ} [الفرقان: ٢٠]، وجعلت الجملة بعد {هَلْ} اسمية لدلالتها على ثبات الخبر زيادة في تحقيق حصول المستفهم عنه، فالاستفهام هنا مستعمل في حقيقته، وأُريد معها معناه الكنائيُّ، وهو التحذير من انتفاء وقوع المستفهم عنه ... ومن المعلوم للسامعين من أهل البلاغة أن الاستفهام في مثل هذا المقام ليس مجردًا عن الكناية" (١).

وكلامه هنا ينحصر في أمرين اثنين الأول منهما: هو استعمال {هَلْ} بدلًا من (الهمزة)، والثاني: هل وقع الاستفهام الحقيقي في القرآن الكريم، فأما الأمر الأول، فلا يبدو واضحًا تمام الوضوح هنا، والبلاغيون فعلًا يتساءلون عن سر وضع {هَلْ} مكان (الهمزة)، إذ من البيِّن لديهم أن الهمزة دخولها على الجملة الفعلية والاسمية سواء، وأما (هل) فيكاد دخولها يقتصر على الجمل الفعلية (٢)، وفي الآية توجد {هَلْ} وجملة اسمية، ومن المعلوم أيضًا أن الجملة الاسمية يؤتى بها لإفادة الثبوت والاستقرار والدوام من غير تقييد بزمن، وعلى هذا الكلام يمكننا أن نفهم السر البلاغي في الآية الكريمة على أنه أراد منهم فورية الانتهاء عن الخمر والميسر، ثم الثبات على ذلك وعدم الرجوع إليه مرة أخرى، ولا يمكن لهذا الملحظ أن يكون لو لم يؤت بـ {هَلْ} والجملة الاسمية (٣).

والأمر الثاني في هذه الآية والذي يجدر بنا أن نتوقف عنده هو وقوع الاستفهام الحقيقي في القرآن الكريم ولا شك أن عبارة الشيخ في هذا الموضع مفضية إلى


(١) ٧/ ٢٨.
(٢) البلاغة فنونها، وأفنانها، ١/ ١٨٥ بتصرف.
(٣) المصدر السابق، ص ١٨٦ بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>