للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قال مُعِدُّه للشاملة: لم يكتب المؤلف (د فضل عباس) رحمه الله، هذا الفصل، ولم يقرأه، كما هو مبين في المقدمة جـ٣/ ٥]

وقوعه، وإن حاول إخراج الأمر إلى المعنى الكنائي، لكنه لم ينفِ المعنى الحقيقي، بدليل جعله المعنى الكنائي ليس أصلًا وإنما مضافًا إلى الحقيقة كما مر ذكره.

ومن الواضح جدًّا أن الاستفهام بمعناه الأصلي -الحقيقي- لا يقع في كلام رب العالمين لأن إحاطة علمه شاملة، ولكن قد يقع ذلك في القرآن حين يحكي مواقف أو يفصل مقاولات (١).

وقد عرض في تفسيره لأحرف العطف، وللحذف والذكر، والفصل والوصل، والفاصلة القرآنية والتفنن، ويعرف التفنن بقوله:

"ومن أساليبه -أي: القرآن- ما أُسميه بالتفنن وهو بداعة تنقلاته من فن إلى فن بطرائق الاعتراض والتنظير والتذييل والإتيان بالمترادفات عند التكرير تجنبًا لثقل تكرير الكَلِم، وكذلك الإكثار من أسلوب الالتفات المعدود من أعظم أساليب التفنن، عند بلغاء العربية، فهو في القرآن كثير، ثم الرجوع إلى المقصود، فيكون السامعون في نشاط متجدد بسماعه وإقبالهم عليه ... وفي هذا التفنن والتنقل مناسبات بين المُنْتَقَلِ منه والمُنْتَقَلِ إليه في منتهى الرقة والبداعة بحيث لا يشعر سامعه وقارئه بانتقاله إلا عند حصوله، وذلك التفنن مما يعين على استماع السامعين، ويدفع سآمة الإطالة عنهم، فإن من أغراض القرآن استكثار أزمان قراءته، كما قال تعالى: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: ٢٠]، فقوله: (ما تيسر) يقتضي الاستكثار بقدر التَّيَسُّرِ وفي تناسب أقواله، وتفنن أغراضه مَجْلَبَةٌ لذلك التيسير وعونٌ على ذلك التكثير" (٢).

وهو ناحية لفظية بحتة كما ترى، وهذا الذي يقوله لا ينكره أحد، ولكن لما طبق ابن عاشور هذا الكلام على آيات القرآن تجده مثلًا يقول: إن الفرق بين أنزل


(١) البلاغة القرآنية في تفسير الزمخشري، ص ٢٩٤ بتصرف.
(٢) ١/ ١١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>