للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قال مُعِدُّه للشاملة: لم يكتب المؤلف (د فضل عباس) رحمه الله، هذا الفصل، ولم يقرأه، كما هو مبين في المقدمة جـ٣/ ٥]

[البقرة: ٣٤]. وفُصِل الجواب ولم يُعطَف بالفاء أو الواو جريًا على طريقة مُتَّبعةٍ في القرآن في حكاية المحاورات هي طريقة عربية، قال زهير:

قيل لهم ألا اركبوا ألا تا ... قالوا جميعًا كلهم ألا فا (١)

أي فاركبوا ولم يقل فقالوا. وقال رؤبة بن العجاج:

قالتْ بناتُ العَمِّ يا سَلْمَى وإنْ ... كان فقيرًا مُعدمًا قالتْ وإنْ (٢)

وإنما حذفوا العاطف في أمثاله كراهية تكرير العاطف بتكرير أفعال القول. فإن المحاورة تقتضي الإعادةَ في الغالب، فطردوا الباب، فحذفوا العاطف في الجميع، وهو كثير في التنزيل، وربما عطفوا ذلك بالفاء لنكتة تقتضي مخالفة الاستعمال. وإن كان العطف بالفاء هو الظاهر والأصل، وهذا مما لم أُسبق إلى كشفه من أساليب الاستعمال العربي (٣).

قلت: وهذا الذي ذكره ابن عاشور أحد وجهين في مثل هذا الأسلوب، فأما الذي عليه جمهور المفسرين فهو أن هذا من قبيل الاستئناف البياني الناشئ عن سؤال مقدّر تقرره أساليب المحاورة في الكلام، وقد قرر الشيخ عبد القاهر الجرجاني هذا القول في كتابه الدلائل أحسن تقرير، فقال عليه الرحمة: "واعلم أن الذي تراه


(١) الشاهد نسبه ابن عاشور لزهير، وقد أعياني البحث عنه في ديوانه.
وقد ورد البيت في "معاني القرآن وإعرابه" للزجاج، ١/ ٦٢:
نادَوْهُمو أن ألجموا، ألا تا ... قالوا جميعًا كلهم: ألا فا
وتفسيره: نادوهموا أن ألجموا، ألا تركبون، قالوا جميعأ: ألا فاركبوا، وعزاه محقق الكتاب للقيم بن أوس كما في شرح شواهد الشافية، ٤/ ٢٦٤، ولكن ما ورد للقيم بن أوس هو البيت التالي:
بالخير خيرات وإن شرًّا فا ... ولا أريد الشر إلا أنْ تا
وليس البيت المذكور أعلاه، الذي ورد في لسان العرب ١/ ١١ بدون نسبة.
(٢) هو من شواهد النحو على حذف الشرط والجزاء معًا لضرورة الشعر، انظر: الخزانة: ٩/ ١٥، وهو من شواهد المغني، ٢/ ٧٢٤.
(٣) ١/ ٤٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>