[قال مُعِدُّه للشاملة: لم يكتب المؤلف (د فضل عباس) رحمه الله، هذا الفصل، ولم يقرأه، كما هو مبين في المقدمة جـ٣/ ٥]
في التنزيل من لفظ (قال) مفصولًا غير معطوف، هذا هو التقدير فيه، والله أعلم.
أعني مثل قوله تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (٢٤) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالوا سَلَامًا قَال سَلَامٌ ... } [الذاربات: ٢٤ - ٢٨]. جاء على ما يقع في أنفس المخلوقين من السؤال. فلما كان في العُرف والعادة فيما بين المخلوقين إذا قيل لهم:"دخل قوم على فلان فقالوا كذا"، أن يقولوا:"فما قال هو؟ " ويقول المجيب: "قال كذا" أُخرج الكلام ذلك المُخْرَج، لأن الناس خوطبوا بما يتعارفونه، وسُلِك باللفظ معهم المسلك الذي يسلكونه ... وذلك، والله أعلم المعنى في جميع ما يجيء منه على كثرته كالذي يحبيء في قصة فرعون عليه اللعنة، وفي رد موسى -عليه السلام- عليه كقوله: {قَال فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالمِينَ (٢٣) قَال رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ... } [الشعراء: ٢٣ - ٢٤] جاء ذلك كله -والله أعلم- على تقدير السؤال والجواب كالذي جرت به العادة فيما بين المخلوقين، فلما كان السامع منا إذا سمع الخبر عن فرعون بأنه قال: {وَمَا رَبُّ الْعَالمِينَ (٢٣)} وقع في نفسه أن يقول: فما قال موسى له؟ أتى قوله:{قَال رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} مأتى الجواب مبتدأ مفصولًا غير معطوف، وهكذا التقدير والتفسير أبدًا في كل ما جاء فيه لفظ {قَال} هذا المجيء وقد يكون الأمر في بعض ذلك أشد وضوحًا ... " (١).
وصحيح أن علماء المعاني لم يذكروا هذا النوع، لأنه غير موجود، والقصر الحقيقي المقيد هو نوع من القصر الإضافي، وليس مغايرًا كما ذهب إليه الشيخ، ولذلك فإن في تقسيم علماء المعاني للقصر من هذه الناحية بالقصر الحقيقي والقصر الإضافي غنية عن هذا.