للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قال مُعِدُّه للشاملة: لم يكتب المؤلف (د فضل عباس) رحمه الله، هذا الفصل، ولم يقرأه، كما هو مبين في المقدمة جـ٣/ ٥]

لما بذله العلماء الذين خصوا معاني القرآن بأكبر عناية، بل إننا نجد فيما كتبوا أو نقل عنهم ذخيرتنا التي ندَّرع بها غير مفتاتين عليهم في قول، ولا متهجمين عليهم في رأي، ومنهم من قام على الحق البين، أو يستمد قوته من أثر عن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، ولا يتجافى عن النص القرآني في ظاهره ونصه، فإن جافاه حذفناه، ونظرُنا في ذلك هو نظر شيخ الفقهاء أبي حنيفة النعمان فهو لا يقدم أثرًا على نص قرآني ظاهر الدلالة أو هو نص فيه.

ولا نتهجم بذلك على حديث لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فهو الحكمة كلها كما قال ذلك الإمام الشافعي، فقد فسر الحكمة في قوله تعالى: {وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَة} [البقرة: ١٥١] بأن الحكمة هي سُنّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإذا رددنا منها ما يخالف القرآن فنحن نرد ما يجعلها فوق القرآن، وبالأحرى يكون ذلك تمحيصًا للسنّة، وتبيينًا لصحيحها من سقيمها، إن عبارات القرآن التي هي نص في دلالتها، ومعانيها، فيها تنزيه لرسالة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وتنزيه للبعث المحمدي، فإنما ندفع الريب عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولا نتهجم عليه ولا على حكمته، كتلك الآثار التي توهم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سُحِرَ، وكتلك الأخبار الكاذبة التي تقول إن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- قال عن اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى: تلك الغرانيق العلا، وإن شفاعتهن لترتجى. إنا نرد هذا وأشباهه تنزيهًا للرسالة المحمدية الإلهية، مهما يكن راويها من الثقة، ونعدها عليه، وليس بمنزه عن الخطأ والنسيان، ودخول الغلط عليه، وأخشى أن أقول إن من يعتقد ذلك يكون كأهل الجاهلية الذين قالوا: {إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (٤٧)} [الإسراء: ٤٧]، فليبحثوا عن موقفهم كمسلمين مؤمنين، وذلك لأنهم آثروا راويًا على القرآن وعلى الرسالة المحمدية كلها، إذ جعلوا الشك يرِد على بيانها، ولا حول ولا قولة إلا بالله.

وإذا كنا قد رددنا بعض ما ينسب لرسول -صلى الله عليه وسلم- فنحن نعد المفسر الأول للقرآن هو الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فهو المفسر لأحكامه المبين لحقائقه، كما قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>