[قال مُعِدُّه للشاملة: لم يكتب المؤلف (د فضل عباس) رحمه الله، هذا الفصل، ولم يقرأه، كما هو مبين في المقدمة جـ٣/ ٥]
الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٤٤)} [النحل: ٤٤]، ولا نتصور أن نجد بيانًا يفوق بيان النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه يفصل مجمله، ويبين ما يعلو على مدارك الناس، وإن كان في ذاته مبينًا، ولا يصح أن نفتات على الإسلام فنرد قولًا صح عن رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- ما دام القرآن يتسع لمدلوله، ولا نقدم عليه احتمالًا آخر مهما تكن مكانة قائله من الفقه البيان، فإنه مهما يكن لا يناهد مقامه مقام مبلِّغ الرسالة في الأحكام، ولا مقامه في البيان، وإدراك معاني القرآن؛ ولذا نعد السنّة النبوية هي المفسر الأول".
الشيخ -إذن- يرجع في تفسير القرآن الكريم إلى صحيح ما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
ثانيًا: ويلي ذلك تفسير الصحابة الذي صحت نسبته إليهم، وخصوصًا علماءهم، والسابقين الأولين الذين قال تعالى عنهم في بيعة الرضوان: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (١٨)} [الفتح: ١٨].
ونأخذ بأقوال هؤلاء على أساس ألا تخالف نصًّا قرآنيًا، أو تناهضه، أو تحمله ما لا يحتمل، وعلمُهم بالقرآن أعظم من علمنا به؛ إذ كانوا كما أشرنا من قبل أهل بيعة الرضوان لا الذين جاؤوا بعد الحديبية، وكان بعض أولئك من الذين لهم جهاد مذكور مشهور، لا يغض من مقامهم، ولكن ليسوا حجَّة في فهم القرآن إلا من ناحية اللغة والبيان؛ فإن ذوقهم العربي ربما يجعل لقولهم مكانًا، ولم يعن أحد من هؤلاء بالتفسير رواية أو دراية؛ لأنهم شغلوا بغيره، إلا ما كان من ابن عباس، وأشباهه من شباب الصحابة الذين وَعَوا أفاويقه في آخر حياة الرسول، ومنهم بعض من التزموا الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
فقد كان ابن عباس ترجمان القرآن كما عبر بعض علماء الصحابة، وقد أخذ من علم كثير من الصحابة، وخصوصًا ابن عمه عليًّا، الذي قال فيه ابن عباس: ما