للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قال مُعِدُّه للشاملة: لم يكتب المؤلف (د فضل عباس) رحمه الله، هذا الفصل، ولم يقرأه، كما هو مبين في المقدمة جـ٣/ ٥]

نحسب أنهم وصلوا إلى هذه الحال أن ينكثوا بالعهد وقت توثيقه، وأن يجاهروا بعصيانه، والعهد بينهم وبين المنقذ لهم، والعهد قريب، ولذلك قرر المفسرون أن كلمة {وَعَصَيْنَا} مجاز عن أفعالهم، أي أن عصياهم كان بلسان الفعال لا بلسان المقال، فهم قالوا سمعنا بالقول، وقالوا عصينا بأفعالهم (١).

وما ذكره الشيخ أبو زهرة وافق فيه ما نقله الإمام الرازي عن أبي مسلم (٢). وقد جاء عند الزمخشري في كشافه (٣).

وذهب صاحب المنار إلى قول آخر في تفسيرها فقال: "وليس المراد أنهم نطقوا بهاتين الكلمتين (سمعنا وأطعنا) بل المراد أنهم بمثابة من قال ذلك، ومثل هذا التجوز معروف في عهد العرب - وفي هذا العهد يعبرون عن حال الإنسان وغيره بقول يحكيه عن نفسه، حتى حُكِيَ مثل ذلك عن الحيوانات والطيور وعن الجمادات أيضًا، وهو أسلوب أظنُّ أنه يوجد في كلّ لغة أو في اللغات الراقية فقط" (٤).

وأبو زهرة يوافق المنار في قوله: {وَعَصَيْنَا} ويخالفه في {سَمِعْنَا}. وقال أبو حيان في البحر (٥): ظاهره أن كلتا الجملتين مقولة ونطقوا بذلك مبالغة في التعنت والعصيان، ويؤيده قول ابن عباس: كانوا إذا نظروا إلى الجبل قالوا: سمعنا وأطعنا، وإذا نظروا إلى الكتاب قالوا: سمعنا وعصينا .. ثم ساق الأقوال الأخرى.

وذكر الرازي (٦): بأن الأكثر من المفسرين اعترفوا بأنهم قالوا هذا القول. ورجحه بحجة أن صَرْف اللفظ أو الكلام عن ظاهره بغير دليل لا يجوز، ونحن نتفق مع ما رجحه الإمام الرازي - رحمه الله -.


(١) أبو زهرة، ١/ ٣١٨.
(٢) انظر: الرازي، ٢/ ٢٠٢.
(٣) ١/ ١٦٦. وانظر: التحرير والتنوير: ١/ ٦١٠.
(٤) المنار، ١/ ٣٨٧.
(٥) ١/ ٤٧٦.
(٦) ٢/ ٢٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>