للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر آخرون أن المعنى (أن الله لا يظلم عبدًا وجب له مثقال ذرة قبل عبد له آخر في معاده ويوم لقائه فما فوقه فيتركه عليه فلا يأخذه للمظلوم من ظالمه ولكنه يأخذه منه له ويأخذه من كل ظالم لكل مظلوم تبعته قبله {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا} بمعنى يضاعف له ثوابها وأجرها {وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} والأجر العظيم الجنة، وبعد أن رجح القول الأول قال: وإنما اخترنا التأويل الأول لموافقته الأثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع دلالة ظاهر التنزيل على صحته، إذ كان في سياق الآية قبلها التي حث الله فيها على النفقة في طاعته وذم النفقة في طاعة الشيطان، ثم وصل ذلك بما وعد المنافقين في طاعته بقوله {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَال ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (٤٠)} [النساء: ٤٠] (١).

٥ - قوله تعالى {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} [النساء: ١٥٩] اختلف المفسرون في معنى ذلك: فقال بعضهم وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به يعني بعيسى، قبل موته يعنى قبل موت عيسى، أي إن جميعهم يصدقون به إذا نزل لقتل الدجال فتصير الملل كلها واحدة وهي ملة الإسلام.

وقال آخرون: المعنى إن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بعيسى قبل موت الكتابي، وذلك أن كل من نزل به الموت لم تخرج به روحه حتى يتبين له الحق من الباطل في دينه.

ويرجح الطبري القول الأول وذلك لما يراه، ثم يقول: "فغير جائز صرف الكلام عما هو في سياقه إلى غيره إلا بحجة يجب التسليم لها من دلالة ظاهر التنزيل أو خبر عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - تقوم به حجة، فأما الدعاوى فلا تتعذر على أحد" (٢).


(١) الطبري (٣/ ٥٧، ٥٨).
(٢) الطبري (٦/ ١٥ - ١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>