للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦ - قوله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: ٩١]، اختلف المفسرون في قائل ذلك، فذهب بعضهم إلى أنه رجل من اليهود قال بأن الله تعالى لم ينزل على بشر من شيء يعني من بني إسرائيل، وذهب آخرون إلى أن هذا خبر من الله جل ثناؤه عن مشركي قريش أنهم قالوا ما أنزل الله على بشر من شي، يقول الطبري وأولى هذه الأقوال بالصواب في تأويل ذلك قول من قال عنى بذلك وما قدروا الله حق قدره مشركي قريش؛ وذلك أن ذلك في سياق الخبر عنهم أولا، فإنّ كون ذلك أيضًا خبرًا عنهم أشبه من أن يكون خبرًا عن اليهود لم يجر لهم ذكر، يكون هذا به متصلًا مع ما في الخبر عمن أخبر الله عنه في هذه الآية إنكاره أن يكون الله أنزل على بشر شيئًا من الكتب، وليس ذلك مما تدين به اليهود، بل المعووف من دين اليهود الإقرار بصحف إبراهيم وموسى وزبور داود (١).

٧ - قوله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٧٠)} [الحج: ٧٠] اختلف المفسرون في قوله "إن ذلك على الله يسير" فقال بعضهم معناه "إن الحكم بين المختلفين في الدنيا يوم القيامة على الله يسير" وقال آخرون بل معنى ذلك أن كتابة القلم الذي أمره الله أن يكتب في اللوح المحفوظ هو كائن على الله يسير يعني هين، وهذا القول الثاني أولى وذلك أن قوله {إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} إلى قوله {إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ} أقرب وهو له مجاور، ومن قوله (الله يحكم بينكم يوم القيامة) متباعد مع دخول قوله {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} بينهما فإلحاقه بما هو أقرب أولى ما وجد للكلام، وهو كذلك مخرج في التأويل صحيح" (٢).


(١) الطبري (٧/ ١٧٨).
(٢) الطبري (١٧/ ١٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>