ابن عباس، فكيف يمكن أن يرضى ابن عباس أو نرضى له نحن، وكيف يمكن أن نقتنع أو أن تقنع الآخرين، بأن ابن عباس رضي الله عنهما يرى أن هناك امرأة يمكن أن تمسخ كوكبًا، إن الرجل الذي أعطي من الفطنة ومن الفهم ما لم يعطه كثير من الناس، يستحيل أن يثبت عنه مثل هذه الروايات ولو ذكرها ابن كثير أو غيره، وكنا نود أن يظل الدكتور إبراهيم خليفة عند رأيه الذي ذكره في كتاب (مناهج المفسرين) من أنّ ما روي عن ابن عباس من الإسرائيليات ليس مما يقدح في جوهريات الدين، مع أننا نجل ابن عباس حتى عن هذه، ونظن أن ما روى في صحيح الإمام البخاري، دليل كافٍ على تبرئة ابن عباس رضي الله عنهما.
رأينا في المسألة:
إن ما ذهب إليه الشيخ الذهبي ومن تابعه مردود غير مقبول، وكلمة ابن عباس التي نقلها الذهبي ترد بكل حزم على من يدير أن الصحابة وعلى رأسهم ابن عباس -رضي الله عنهما- يمكن أن يرجعوا إلى أهل الكتاب في أي مسألة (أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مساءلتهم).
والذي أطمئن إليه كل الاطمئنان، وينبغي إن يطمئن إليه كل منصف، أن ابن عباس رضي الله عنهما لم يكن ليدور في خلده يومًا، بل لم يكن ليرضى أن يسأل أحد من المسلمين أحدًا من غيرهم، وبخاصة أولئك اليهود، فضلًا على أن يكون هو السائل، أقول ما كان يرضى رضي الله عنهما أن يسأل في قضية من قضايا الدين كتابًا وسنة.
وتثبيتا لما أقوله وتدليلًا عليه حتى لا يبقى في نفس أحد من الناس أثر لشبهة جولد زيهر ومن تبعه -جدير بنا أن ندرس هذه الروايات التي جاءت تحمل لنا سؤال ابن عباس رضي الله عنهما أبا الجلد وغيره، وسنجد أن هذه الروايات قد حكم عليها أئمتنا حكمًا ليس فيه مساومة حكموا عليها بوجوب ردها ورفضها.