للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد أخرج الطبري عن موسى بن سالم أبي جهضم مولى ابن عباس، قال: كتب ابن عباس إلى أبي الجلد يسأله عن الرعد، فقال الرعد ملك. وعن عكرمة قال: كان ابن عباس إذا سمع الرعد قال سبحان الذي سبحتَ له، قال: وكان يقول: إن الرعد ملك ينعق بالغيث كما ينعق الراعي بغنمه.

وعن أبي كثير قال: كنت عند أبي الجلد، إذ جاءه رسول ابن عباس بكتاب إليه، فكتب إليه (كتبت تسألني عن الرعد، فالرعد الريح).

ويُعلق الشيخ أحمد شاكر على الروايات:

أما الرواية الأولى عن أبي جهضم فهو -كما يقول- (ثقة، ولكن روايته عن ابن عباس مرسلة). وأما رواية أبي كثير، فالإسناد (مشكل، ما وجدت ترجمة بشر بن إسماعيل وما عرفت من هو، ثم لم أعرف من أبو كثير الراوي عن أبي الجلد) (١).

ويقول الشيخ محمد عبده تعليقًا على ما ذكره الجلال من أن الرعد ملك، والبرق سوطه:

(ولا يجوز صرف الألفاظ عن معانيها الحقيقية إلا بدليل صحيح، ولا سيما إذا صرفت من معاني من عالم الشهادة الذي يعرفه الواضعون والمتكلمون، إلى معاني من عالم الغيب ولا يعلمها إلا الله تعالى، ومن أعلمهم الله تعالى إياها بالوحي، ولكن أكثر المفسرين ولعوا بحشو تفاسيرهم بالموضوعات التي نص المحدثون على كذبها، كما ولعوا بحشوها بالقصص والإسرائيليات التي تلقفوها من أفواه اليهود، وألصقوها بالقرآن لتكون بيانًا له وتفسيرًا، وجعلوا ذلك ملحقًا بالوحي، والحق الذي لا مرية فيه: أنه لا يجوز إلحاق شيء بالوحي غير ما تدل عليه ألفاظه وأساليبه، إلا ما ثبت بالوحي عن المعصوم الذي جاء به ثبوتا لا يخالطه الريب.

ويقول الشيخ رشيد: ولا شك عندي أن هذه الأقوال كلها مما كان يذيعه مثل


(١) تفسير الطبري (١/ ٣٤٠ - ٣٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>