للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الثواب والعقاب يطلع عليه في الآخرة عند المجازاة. وقال بعضهم: الظاهر التلاوة والباطن: الفهم، والحد: أحكام الحلال والحرام، والمطلع: الإشراف على الوعد والوعيد). انتهى.

أما صاحب الموافقات (١) فهو يذكر هذه المسألة، ويرى القارئ من عبارته أنه غير مطمئن لهذه القضية، وإن عدم اطمئنان الشاطبي لهذه المسالة، جعله يذكرها بصيغة تدل على التشكيك والتمريض والتضعيف. فهو يقول: (من الناس من زعم أن للقرآن ظاهرًا وباطنًا، وربما نقلوا في ذلك بعض الأحاديث والآثار. فعن الحسن مما أرسله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (ما أنزل الله آية إلا ولها ظهر وبطن -بمعنى ظاهر وباطن- ولكل حرف حد ولكل حد مطلع (وفسر بأن الظهر والظاهر هو ظاهر التلاوة، والباطن هو الفهم عن الله لمراده، لأن الله تعالى قال: {فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} [النساء: ٧٨] (٢) والمعنى لا يفهمون عن الله مراده من الخطاب، ولم يرد أنهم لا يفهمون نفس الكلام، كيف وهو منزل بلسانهم؟ وكان هذا هو الذي روي عن على كرم الله وجهه حينما سئل. (هل عندكم كتاب؟ فقال: لا. إلا كتاب الله أو فهم أعطيه رجل مسلم وما في هذه الصحيفة. الحديث .. )، ومضى الشاطبي في بيانه هذا، وكأنه يريد أن يسد الطريق على المتحمسين والمتكلفين، فذكر شرطًا للظاهر وشرطًا للباطن. فشرط الظاهر موافقة اللغة وعدم مخالفة الشرع، وشرط الباطن موافقة اللغة وشهادة الشرع (٣).

مما تقدم ندرك إدراكًا يقينيًا، أن الحديث الذي ذكروه قد وهن متنًا (٤) وسندًا.


(١) الموافقات ج ٣ ص ٣٨٢.
(٢) المرجع المذكور ص ٣٩١.
(٣) المرجع نفسه ٣٩٤.
(٤) هناك متون يختلف فيها الناس، فمثلًا حديث نزول القرآن على سبعة أحرف، قبلت منه آراء كثيرة، ولكن مع كثرة هذه الاأقوال فإن من السهل علينا أن نعين المختار منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>