ولهذا يغلب على ظننا، بل نكاد نجزم بأن الحديث موضوع وإذا أراد بعض الناس أن يحسن الظن فيه، فإنه لا يخرجه من زمرة الأحاديث الضعيفة ضعفًا متناهيًا وحديث تلك رتبته لا يقبله العلماء في فضائل الأعمال من زهد وورع، فما ظنك بأصل من أعظم أصول الدين خطرًا وأكبرها أثرًا. وعلى التسليم بأنه حديث ضعيف، فإن بعض الأئمة الكبار لا يحتج بالضعيف مطلقًا. ومن احتج به، فإنما اشترط لذلك شروطًا، فيها أن يكون في فضائل الأعمال وأن يكون الضعفُ غير شديد، بمعنى ألا يكون في رواته من انفرد من الكذابين أو المتهمين بالكذب، ومن فحش غلطه، وأن يندرج تحت أصل معمول به، وأن لا يعتقد عند العمل به ثبوته، بل يعتقد الاحتياط. وليس شرطا من هذه الشروط، قد استوفاه حديث نزول القرآن على بطن وظهر.
لقد أطلت الكلام عن هذا الحديث، ولقد رأيتني مضطرًا إلى ذلك لأني رأيت كثيرًا من الأجّلة في تصانيفهم يمرون به دونما تعليق، بل ربما يشعر كلام كثيرين منهم بصحته، وذلك كله قد فتح لأصحاب الأهواء باب التأويل على مصراعيه فكل صاحب نحلة باطلة، أو بدعة زائفة او صاحب حقد دفين على هذا الدين وأهله، جعل من هذا الحديث منفذًا ينفذ منه إلى ما يريد، وأسال الله أن يلهمنا الصواب ويجنبنا الخطأ، وأكتفي بهذا القدر، والحق أن الإسرائيليات بما فيها من قصص وأخبار كانت من أعظم الأخطار على هذا الدين من ناحية، وعلى عقول بعض أهله وقلوبهم من ناحية أخرى.